هناك في أسفل الجبل كانت الأرض منبسطة، تكسوها الأشجار التي تخلّلت جذورها الصخور، واخترقت الأرض كمدية ضربت الشريان، فتفجّر نهر صغير يكاد يكون قطعة جديدة من نصوص الغفران، اعتلى المكان وأصبح في الفضاء لا يحدّه الزمان، يرتفع إلى النجوم ويخترق خلجان السماء فتُصدم بعتمته غيوم...
هناك في أسفل الجبل كانت الأرض منبسطة، تكسوها الأشجار التي تخلّلت جذورها الصخور، واخترقت الأرض كمدية ضربت الشريان، فتفجّر نهر صغير يكاد يكون قطعة جديدة من نصوص الغفران، اعتلى المكان وأصبح في الفضاء لا يحدّه الزمان، يرتفع إلى النجوم ويخترق خلجان السماء فتُصدم بعتمته غيوم سوداء، تهطل على أثرها دماء تروي الأنهار التي ظلّت واقفةً ليس لها قرار، فها هو البحر بعيد جداً، يختفي بين التلال، ولكن أين يغور هذا النهر؟ أإلى أعماق الأرض أم يتسرب مثل قطرات الندى إلى وجوهٍ وأقوام أخرى عطشى، ترتوي وتحسبه قادماً من مكان بعيد؟. أقوام لا يغادرون هذا المكان منذ عقود لأنهم يخافون إن غادروا أن ترحل المياه ولا يبقى إلا العطش والموت والصلبان على قمة جبل رَوَتْه الأجيال وأسمته باسم الأنبياء، تيمناً بفاتحة شهية تقضم هذا الجوع القادم من الشمال، والذي لم تستطع كل الرجال من أن يهجّروا سكانه إلا حفنة قليلة، ومن بقي استمد قوته على أرض القداسة، أقوام تمضي وأخرى تجيء وتسكن الجبل.