في دراستنا للفلسفة الإسلامية حاولنا دائماً الإجابة على السؤال التالي: هل استطاعت الفلسفة الإسلامية في عصر ازدهارها الممتد من القرن الثالث الهجري إلى القرن السادس الهجري أن تقدم من خلال كبار فلاسفتها في المشرق والمغرب شيئاً جديداً يعبر عن خصوصيتها، وتتجاوز به الفلسفة...
في دراستنا للفلسفة الإسلامية حاولنا دائماً الإجابة على السؤال التالي: هل استطاعت الفلسفة الإسلامية في عصر ازدهارها الممتد من القرن الثالث الهجري إلى القرن السادس الهجري أن تقدم من خلال كبار فلاسفتها في المشرق والمغرب شيئاً جديداً يعبر عن خصوصيتها، وتتجاوز به الفلسفة اليونانية، وخاصة منها الفلسفة التي كان لها أكبر الأثر على الفلاسفة المسلمين؟ وأقصد بها فلسفة أرسطو وأفلاطون!!؟ لم تقدم لناالدراسات التي كتبت عن الفلسفة الإسلامية ـ رغم أهميتها ـ إجابة مقنعة، فما قدمه الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم من فلاسفة المسلمين لم يكن إلا فلسفة يونانية أعيد صياغتها بقالب إسلامي جديد، وما سمّي بعصر ازدهار الفلسفة الإسلامية لم يكن كذلك، وهذا ما عبَّر عنه أصدق تعبير الفيلسوف والمتصوف الشهير ابن سبعين، وذلك من خلال تقييمه النقدي لفلسفة الفارابي وابن سينا والغزالي وابن الصائغ والسهروردي وابن رشدوفخر الدين الرازي، وكان نقد ابن سبعين هذا، أول محاولة نقدية جادة للفلسفة الإسلامية، ولأهمية هذا التقييم النقدي تم تقديم هذا البحث الذي نضغه بين يديكم تمتد دراستي للفلسفة إلى ما يقرب من أربعة عقود، وقد كانت بدايتها سنة 1980م، في قسم الدراسات الاجتماعية والفلسفية، التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق. ولم يقتصر نقد ابن سبعين على الفلسفة والفلاسفة فقط، بل شمل أيضاً علم الكلام والمتكلمين، وعلم الفقه والفقهاء.