العقول الحرة – كما يقول نيتشه – تحدث ضجيجاً عظيماً. وجورج أورويل صاحب عقل حر، ولكنه مضاد لنيتشه فيما يتعلق بالعرق والحريات والأخلاق. إنه النقيض الأخلاقي بمعنى ما.لقد أحدث جورج أورويل، في حياته وبعد مماته، ضجيجاً كبيراً، لا يزال يسمع صوته إلى الآن. ورغم هدير قنابل الطائرات...
العقول الحرة – كما يقول نيتشه – تحدث ضجيجاً عظيماً. وجورج أورويل صاحب عقل حر، ولكنه مضاد لنيتشه فيما يتعلق بالعرق والحريات والأخلاق. إنه النقيض الأخلاقي بمعنى ما. لقد أحدث جورج أورويل، في حياته وبعد مماته، ضجيجاً كبيراً، لا يزال يسمع صوته إلى الآن. ورغم هدير قنابل الطائرات والقذائف الحارقة، زمن الحرب العالمية الثانية، إلا أن صوت أورويل كان قوياً كفاية، ليلفت الأنظار إليه؛ مع أن صوته كان مضاداً للهمجية الغربية برمتها، وقتلها للإنسان في الأرض الأوروبية أو في الأمكنة البعيدة. هذا العقل الناضج والخطر، حمل الآخرين على نعته بمعاداة الوطن، أو بالجبان، لأنه ناهض احتلال الآخر والليبرالية والديمقراطية الزائفة، ودافع عن الإنسان في أي مكان. يقرأ أورويل الأدب السابق والمعاصر له، بذهنية مفتوحة، ولا يتطرف أبداً في الحكم على الأعمال الأدبية، مع أنه ينظر إليها من زاوية خاصة، زاوية فنية إنسانية في الوقت نفسه. ولعل من الملفت أنه يضيء نقاطاً قلما ينتبه إليها القارئ، ومن خلالها يحرض على قراءة ثانية لهذا العمل أو ذاك. هنا، في هذا الكتاب، يرتقي أورويل ككاتب مقال أدبي وسياسي رفيع، ولن أكون متطرفاً إذا قلت إن مقالاته أشد حيوية من رواياته. إنه هنا يتحالف مع الفن والعقل والفضيلة، بشجاعة فائقة.