أدخل (النصير) الفلسفة في محجر النصّ لإنتاج رؤى جدلية لا تخضع للتحديد بل للحوار، فثمة حالة حوار لابثة تمتد في كتاباته تتجاوز الفلسفة إلى الفكر، وتبتعد عن لغة الفلسفة العقلية التجريدية، وتتعداها إلى لغة الفكر- المكاني الذي يقع في المسافة الرابطة بين العقل والمخيّلة العابرة...
أدخل (النصير) الفلسفة في محجر النصّ لإنتاج رؤى جدلية لا تخضع للتحديد بل للحوار، فثمة حالة حوار لابثة تمتد في كتاباته تتجاوز الفلسفة إلى الفكر، وتبتعد عن لغة الفلسفة العقلية التجريدية، وتتعداها إلى لغة الفكر- المكاني الذي يقع في المسافة الرابطة بين العقل والمخيّلة العابرة من التجريد إلى الحسّ والتخييل. ولا تكون الإشارة الفلسفية عند النصيّر إلا مثيراً عقلياً (تخييلياً) في آن، وهذا ما يبرّر اللغة الشعرية المتدفقة لديه، التي تعانق الحياة بوثبات استعارية لا تنفد، تقودها الثقافة بأنساقها العليا والهامشية، فيتجوّل بين متونها وهوامشها، ويذهب إلى أنساقها المضمرة التي يجد فيها ضالته، وهو يمسك بجدلية الوعي الذي يتحرك على سطوح الأشياء، والحياة، ويؤسس مسافاتها القريبة والبعيدة. ويبقى الإنسان لدى سيّد الأمكنة هو (الوجود) المكاني للمسافات بمقدار طاقته على التأويل التي توسع المسافات الكونية، أو تخنقها، وهو يعيد إنتاج الحياة في (يوتوبيا) مكانية شاسعة، لأن جدل المسافة ميدان الحداثة ومابعدها، وحوار أنساقها المتراوحة بين القرب والبعد الذي يعانق الحياة بلغة الأمكنة، ويلامس جسدها بأصابع استعارية مفتونة بالدهشة.