تسرد ناتالي الخوري غريب في هذه الرواية سيرة ذوات منكسرة ومسحوقة تعذر عليها مقاربة الحياة بكثافة، ذوات مريضة بالخسارات والخيبات والوعود المتخثرة. وهذا مايفسر خوف تلك الكائنات من الحُبّ بعد أن سُلبت كل أسباب الفرح. الأمل. حيث يشكل الميتم أرضية لعرض الأزمة النفسية/ الوجودية...
تسرد ناتالي الخوري غريب في هذه الرواية سيرة ذوات منكسرة ومسحوقة تعذر عليها مقاربة الحياة بكثافة، ذوات مريضة بالخسارات والخيبات والوعود المتخثرة. وهذا مايفسر خوف تلك الكائنات من الحُبّ بعد أن سُلبت كل أسباب الفرح. الأمل. حيث يشكل الميتم أرضية لعرض الأزمة النفسية/ الوجودية لكل شخصية من الشخصيات وتفريغ خزان حكاياتهم الحزينة، قبل أن يقرروا التطواف حول العالم في فضاءات استشفائية بحثاً عن حلول روحية تضفي على حياتهم بعض المعاني، كما يفسر صفاء وصلابة القاع الفكري الروحي للرواية، فهي رواية ذات منزع ثقافي مزدحمة بالأفكار المعنية بتفسير لغز الوجود، وغارقة في الطروحات الصوفية التي قد تساعد تلك الذوات على الطفو فوق أزماتهم والخروج من حفرة التعاسة، حيث المجيء إلى الحياة حسب منطوق الرواية، هو اليتم الأكبر الذي يحاول الإنسان تعويضه بالحُبّ. وعلى هذا الأساس يتولد الحوار وتتحرك الشخصيات، أي على حبل مشدود مابين البحث عن تأصيل للسعادة كفكرة فلسفية صوفية، وبين توطين التفاهة وإتلاف المعنى كإفراز طبيعي لفكر مابعد الحداثة، مع التلويح ببعد رابع يتمثل في دور تقنيات التنمية الجينية في اقتراح حلول ترويضية للإنسان تحت عنوان: مابعد الإنسانية.
محمّد العبّاس