إذا وقفنا قليلاً مع هذه المسألة نجد جدلية التأثر والتأثير لا ينتهي بحثها وخاصة في الدارسات الاستشراقية، فقد ذهب مجموعة من المستشرقين إلى أن التصوف في بدايته نشأ مسيحياً، وهذا خطأ لأن التصوف نشأ من رحم الإسلام ونصوص القرآن التي تدعو إلى الذكر والفكر.وكما ذهب البيروني إلى...
إذا وقفنا قليلاً مع هذه المسألة نجد جدلية التأثر والتأثير لا ينتهي بحثها وخاصة في الدارسات الاستشراقية، فقد ذهب مجموعة من المستشرقين إلى أن التصوف في بدايته نشأ مسيحياً، وهذا خطأ لأن التصوف نشأ من رحم الإسلام ونصوص القرآن التي تدعو إلى الذكر والفكر. وكما ذهب البيروني إلى هذه النظريات وادعى بأن التصوف يتشابه كثيراً مع المذاهب الهندية والمسيحية وجاء بنماذج لا يصح شيء منها. يرى البيروني أن الكلام في الفناء عند الصوفية أداهم للقول بالحلول والاتحاد ونحن نجزم بأن الحلول والاتحاد لا يمكن أن ينطق بهما أحد من علماء الصوفية إذ التصوف في أصله يدعو إلى العبودية والحلول والاتحاد يدعوان إلى الربوبية. فالبوذية إن كانت تقول بالنيرفانا وتعني بلوغ النفس الكمال الأسمى والسعادة القصوى وانطلاقها من أسر المادة. وذلك كما جاء في كتاب الموسوعة الميسرة من الجزء الثاني. وبالتالي لا بد من التأكيد على أننا لا يمكن أن ننكر التأثر والاشتراك حتى بين الأديان، كما قال تعالى عن تأريخ الصيام: (كما كتب على الذين من قبلكم). لكن هذا يمنعنا أن نجزم بأن التصوف الإسلامي له مصدره الخاص كما أنه أصيل في الحياة الإسلامية منذ الصدر الأول للإسلام.