رافقني أكاكي أكاكيفتش - بطل رواية المعطف لنيكولاي غوغول- حتى محطة الحافلات في مركز المدينة. (في الواقع هو تَبِعَني، فأنا لم أُرحِّب بمرافقته). وودعني بنظرةٍ منكسرة حين صعدت إلى الحافلة.شعرتْ بأنني كنتُ قاسياً معه حين كنّا نتجاذبْ أطراف الحديث في المقهى قبل لحظات، لكنني لم...
رافقني أكاكي أكاكيفتش - بطل رواية المعطف لنيكولاي غوغول- حتى محطة الحافلات في مركز المدينة. (في الواقع هو تَبِعَني، فأنا لم أُرحِّب بمرافقته). وودعني بنظرةٍ منكسرة حين صعدت إلى الحافلة. شعرتْ بأنني كنتُ قاسياً معه حين كنّا نتجاذبْ أطراف الحديث في المقهى قبل لحظات، لكنني لم أأسف لذلك. منذ بداية لقائنا فَطِن أكاكيفيتش إلى أنني أُفضّل عليه جوناثان نويل، بطل رواية الحمامة لباتريك زوسكيند. لكنه لم يعبأ كثيراً، وبدا لي أنه لم يتبيّن هويّة الشخص الذي كنتُ أصطفيه عليه. قلت له غاضباً بلا ضرورة: «على الأقل، لدى جوناثان بعض الكرامة»! انتبهتُ إلى القسوة في عبارتي. أطرَقَ أكاكيفتش بانكسارٍ مُبهم. بعد فترةٍ وجيزة حاول الكلام، لكنّه تَلَعثَم. قال كلاماً غير مُبين. تحدَّث بغمغمته المعهودة. لم أُعِره اهتماماً، فقد كنتُ غاضباً منه لسببٍ أجهله، وأَشِحتُ بوجهي ناحية نافذة المقهى الزجاجية. وحين نهضت ودفعت فاتورة الحساب، لحقَ بي وصار يمشي خلفي، متأخراً عني بخطوات.