لطالما راودني سؤال من أين تأتي أهمية الكتابة، لماذا أحب هذا الكتاب ولا أحب ذاك، لعل الإجابة الأقرب إلى تصوري بعد كل هذا العمر، هي: أنني أحب الكتابة التي لا تقف على المرآة ولا تتمظهر ولا «تتمكيج» والتي تتصرف بحرية من لا موعد لديه ولا آخر ينتظره. وهذا ما يتوفر بشدة في كتابة همسه...
لطالما راودني سؤال من أين تأتي أهمية الكتابة، لماذا أحب هذا الكتاب ولا أحب ذاك، لعل الإجابة الأقرب إلى تصوري بعد كل هذا العمر، هي: أنني أحب الكتابة التي لا تقف على المرآة ولا تتمظهر ولا «تتمكيج» والتي تتصرف بحرية من لا موعد لديه ولا آخر ينتظره. وهذا ما يتوفر بشدة في كتابة همسه القصير ضمن مجموعتها الأولى «كثيرٌ عليهم قليلٌ عليّ»، إنها الكتابة في مواجهة نفسها فقط حتى لتحسبها حلماً متصلاً أو حديث نفس في منتهى البلاغة والذكاء.إنها كتابة جديدة، طازجة، هادئة وغير متوقعة. وهذا بالضبط ما يبحث القارئ عنه، فبدءاً من العنوان، تعلن همسه القصير عن رفضها لحيزها الأضيق من طموحها، وهو ما يفسر أن يجيء العمل الأول بمثل هذه الروية والتؤدة. إنه عملٌ ناضج، ومشغول بهدوء عنيف إن جاز التعبير. ترتيبه تصاعدي إذ ترسم قصص المجموعة مسارات قراءاتنا وتلقمنا أفكارها وفق ما تريده كاتبتها، لنصل آخر الأمر إلى منمنمةٍ بلاغيةٍ خاصة جداً وتفاصيل تعنينا جميعاً، تفاصيل لم نلق لها بالاً لأنها تمرّ يومياً بقربنا ببداهة واعتياد.
«كثيرٌ عليهم قليلٌ عليّ» مجموعة نصوص مفتوحة على السرد والشعر والقصّ والتأمل. إنه كتاب تأمل حقيقي يفتح نوافذ كثيرة على أمداء بعيدة وثرية. وهذا تماماً الخطاف الذي يجعلني أقرأ على الدوام.