- لماذا كتب الإنسان يا «هاينز»؟كان «أوتو» يتصفح كتاباً تاريخياً عن الطبخ عندما جال هذا السؤال في خاطره وهو مستلقٍ على الأريكة الوحيدة في شقتهما الصغيرة التي تتكون من صالة واحدة في ضاحية «أنجلهايم» بمدينة «ماينز» الألمانية... كان يمتلك مكتبة عتيقة تحتوي على أربعة وخمسين...
- لماذا كتب الإنسان يا «هاينز»؟ كان «أوتو» يتصفح كتاباً تاريخياً عن الطبخ عندما جال هذا السؤال في خاطره وهو مستلقٍ على الأريكة الوحيدة في شقتهما الصغيرة التي تتكون من صالة واحدة في ضاحية «أنجلهايم» بمدينة «ماينز» الألمانية... كان يمتلك مكتبة عتيقة تحتوي على أربعة وخمسين كتاباً - قام أجداده بإعادة طبعاتها جيلاً بعد جيل - ورثها عن جده الأكبر «زيمرمان» الذي توفي في جائحة كورونا التي أصابت العالم في بدايات القرن الواحد والعشرين، ولكنه لا يعرف مَنْ مِنْ أجداده قد بدأ بجمعها. - لا أعلم يا «أوتو»، ربما لنتبادل المعلومات. جاءه صوت «هاينز» هادئاً وهو جالس على كُرسيه الوثير المُقابل لأريكة «أوتو» من دون أن يُشيح ببصره عما تعرضه شاشة الهولوجرام التي انبعثت من ساعته الذكية التي يرتديها... بالرغم من أنهما على النقيض من حيث المزاج إلا أنهما اختارا أن يعيشا مع بعضهما بعضاً منذ الطفولة، فـ«هاينز» شخصية مُتقلبة المزاج سريع الغضب - في بعض الأحيان - ولكنه مُتسامح... أما «أوتو» فهو أكثر هدوءاً منه، وبالرغم من عدم توافقهما في كثير من الأفكار، إلا أنهما منذ طفولتهما في «مراكز تربية الأطفال» اتفقا كصديقين، فقد كان «هاينز» يتقدم للدفاع عن «أوتو» عند تعرضه للتنمر من قبل بعض الأطفال الآخرين، إذ ان ملامحه العربية جعلته هدفاً لكل متنمّر حتى العرب أنفسهم تنمروا عليه، فقد كان أكثر سُمرة منهم. وضع «أوتو» كتاب الطبخ جانباً، وتوجه إلى النافذة المُطلة على شارع «مارتن لوثر» يتابع تساقط الأمطار التي استمرت لليوم الثالث على التوالي.