ولا أدري كم من الوقت مضى على هذا الحال حتى أقبَلت الشرطة، وأمسكَ أحدهم بيدي، وحاولتُ النهوض في المرة الأولى، ونهضتُ في الثانية. توقف الضرب، وردَّدتِ الأصوات: «لا تحموا هذا الزنديق»، «هذا الملعون يستحِق القتل»، «هذا كافر ملحد». مشيتُ برفقة الشرطة، حاملاً في وجهي كدمات...
ولا أدري كم من الوقت مضى على هذا الحال حتى أقبَلت الشرطة، وأمسكَ أحدهم بيدي، وحاولتُ النهوض في المرة الأولى، ونهضتُ في الثانية. توقف الضرب، وردَّدتِ الأصوات: «لا تحموا هذا الزنديق»، «هذا الملعون يستحِق القتل»، «هذا كافر ملحد». مشيتُ برفقة الشرطة، حاملاً في وجهي كدمات كثيرة، وفي بطني وظهري آلامٌ عديدة، بخطواتٍ بطيئةٍ متثاقلة، تعجزُ عن حمل جسمي، بشكلٍ طبيعي. والصيحات ترافقنا تهديداً ووعيداً، إلا أنها تضاءلت شيئاً فشيئاً. وما إن وصلنا ميدان التحرير، حتى اختفَتْ أصواتُهُم من الأثير، ولم يعد أحدٌ يسير خلفنا، سوى شاب يلبس كوفية، ذات مقدمة أمامية. إنه الشاب الذي رمى بجسده فوقي، وتحمل الضربات من أجلي، وكان يناشِد المتجمهرين أن يرحموني، ويصيح بأعلى صوته «لقد قتلتموه!»