لا أدّعي في هذا الكتاب أنني أقدّم مرشداً جديداً إلى العمل النقدي تنظيراً وتطبيقاً، ولا أؤدّي فيه دور الواعظ المتمكّن من أدواته. ما أناقشه في هذا الكتاب يمثّل دراسة حالة من المعاناة الشخصية في قراءة الأعمال النقدية النظرية والتطبيقية، أو بالأحرى معاناة قراءة استمرّت طويلاً...
لا أدّعي في هذا الكتاب أنني أقدّم مرشداً جديداً إلى العمل النقدي تنظيراً وتطبيقاً، ولا أؤدّي فيه دور الواعظ المتمكّن من أدواته. ما أناقشه في هذا الكتاب يمثّل دراسة حالة من المعاناة الشخصية في قراءة الأعمال النقدية النظرية والتطبيقية، أو بالأحرى معاناة قراءة استمرّت طويلاً للنتاج النقدي العربي في مجال البنيوية التكوينية (التوليدية) للوسيان جولدمان، ولذلك فإ الحالة التي نقدّمها في هذا الكتاب تمثّل مرحلة من مراحل النقد الأدبي النظري والتطبيقي في مصر وبلاد الشام، وغيرهما من البلدان العربية، حيث نحاول تقديم وصف لحالة النقد الأدبي العربي ونُقّاده زمنَ تلقّي النظرية. ونقف - ببعض العجز - على توصيف أفق التلقّي للنظرية في العالم العربي، لقياس مسافة التلقّي بين المصدر والفرع، وتقويم مقدار ما حدث من تغييرات أصابت المصدر أثناء نقله إلى حقل ثقافي عربي جديد، يدور في ملكوت تحكّمه صدفة القراءة، وبراعة الانتقاء، وعدم اكتمال الصورة، وقد أدّى بنا هذا النوع من القراءة في المصدر والفرع إلى اكتشاف نوع من التلقّي السلبي الذي كشف عن أسباب عدم اكتمال صورة أي منهج نقدي وافد إلينا في عالمنا العربي، وأتحدّث هنا العبث في المصدر الفلسفي، والتوثيق الذي يرقى في بعض جوانبه إلى الأمانة العلمية. وأدعو القارئ إلى تلمُّس العذر، فقد كان مستحيلاً قراءة النتاج العربي وتقديمه في صورة متكاملة في كتاب واحد. وهذا ما أعد ه لاحقاً - إن شاء الله-.