قبل حوالي ستين عاماً، حينما كان رجال الأعمال يجمعون ثرواتهم التي تقدّر بالملايين فوق ضفاف نهر الفولجا، كان رجل يدعى اجنات جوردييف يعمل في إزاحة المياه التي تتسرب إلى بطن صندل من صنادل نقل البضائع التابع لتاجرٍ ثري يدعى زاييف.وكان جوردييف هذا رجلاً قوي البنية حسن المنظر،...
قبل حوالي ستين عاماً، حينما كان رجال الأعمال يجمعون ثرواتهم التي تقدّر بالملايين فوق ضفاف نهر الفولجا، كان رجل يدعى اجنات جوردييف يعمل في إزاحة المياه التي تتسرب إلى بطن صندل من صنادل نقل البضائع التابع لتاجرٍ ثري يدعى زاييف.
وكان جوردييف هذا رجلاً قوي البنية حسن المنظر، وأبعد ما يكون عن الثراء، لقد كان واحداً من الذين ينجحون في أعمالهم دائماً، لا لأنهم من ذوي المواهب والمثابرة في العمل، وإنما أوتوا من النشاط الجم، فلا يأنفون من القيام بأي عمل من الأعمال التي يدركون بها ما يطمحون إليه، كيف يأنفون من شيء وهم لا يعرفون معنى الأنفة؟ ثم إنهم لا يعرفون من القوانين شيئاً إلا قانون رغباتهم.
وفي بعض الأحيان نلاحظ أن هؤلاء الناس يتكلمون وهم في خشية من ضمائرهم، بل إنهم يعانون في صراعهم مع ضمائرهم.
إلا أنّ الشخص الضعيف وحده من لا ينتصر على ضميره، أما الشخص القوي فليس أيسر عليه من أن يُخضع ضميره، ويرغمه على خدمة المطمح الذي يسعى إليه.
إنه قد يضحي بليال طوال ولا يذوق النوم فيها لما يقوم به من نضال، وربما انتصر عليه ضميره آخر الأمر، وإن انتصر ضميره لا تنال الهزيمة من روحه أبداً.
بل يظل بفضل هذه الروح القوية سائراً إلى ما أراد بمثل الحيوية التي كانت له من قبل.