-
/ عربي / USD
اتساقًا مع الرؤية التي تذهب نحو تراجع دور النخب الرمزية في بيئات الاتصالية الرقمية وشبكات التواصل التشاركي، واستنادًا إلى شرطية وجود محرِّك ما يعمل على قيادة الاتجاهات وتكثيف الاهتمامات وتشكيل الذائقة، فإن ثمّة فعل نخبوي جديد تقدَّم ليملأ الفراغ الذي أحدثه تراجع المكوّن النخبوي التقليدي، يُعبِّر عنه الباحث بمفهوم (النخبة الموازية)، وذلك عبر صيغ البنية التكنورقمية والسلوك الاتصالي المتضافر لدى الأفراد، حيث تتلخّص دلالة النخبة الموازية في ذلك الدور النخبوي الذي يُشكلِّه الأفراد بالاعتماد على آليات الاشتغال الخوارزمي عبر سلوكهم الاتصالي حيال الاستخدامات الشخصية تجاه القضايا والمواقف والمضامين السائلة في بيئات الاتصالية الشبكية التشاركية الرقمية، حيث يعمل مجمل السلوك الاتصالي الفردي لدى المستخدمين على تعزيز الاتجاه وتكثيف الموقف وتشكيل الذائقة لديهم ككل، بما يُشكِّل في مجمله فعلًا نخبويًا خوارزميًا قوامه مرتكزان؛ سلوك الأفراد الاتصالي المتضافر بالتوالدية المطردة حيال قضية أو موقف أو اتجاه أو حدث أو ذائقة ما بعينها، ونظام البنية التكنورقمية نفسه المرتكز على صيغ البرمجيات الخوارزمية وأنظمة الذكاء الاصطناعي. لقد شهدتِ الحضارةُ الرقميةُ ولادة شكل نخبوي مضاد جديد، وهو أكثر تغولًا وأوسع شمولًا بأدوات تأثير ونفوذ عابرة للأزمنة والأمكنة والثقافات والأجيال والمجالات، وهو (نخبوية النظام الرقمي) ممثلة في شركات ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات والاتصال بأنظمتها الخوارزمية من جهة، وملاك تلك الشركات والمؤسسات من جهة أخرى، والحكومات التي تقع في إطارها تلك الشركات والمؤسسات وملاكها من جهة ثالثة، مشكّلة نظامًا جديدًا للهيمنة والنفوذ في بيئات الاتصال الرقمي وعوالم الحضارة الرقمية، وبالتالي مركز قوة جديد يُضاف لمنظومة مراكز القوى الفاعلة والمؤثرة في السياقات المحلية والدولية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد