-
/ عربي / USD
طغى الأداء التنغيمي على اللغة العربية منذ عهدٍ بعيدٍ، فكان حاضرًا في أشعارها وخطاباتها، حتى وُصفت لغة العرب بأنها لغةٌ موسيقيةٌ، ومُسلَّمٌ به أنّ الصوتَ العربيّ صوتٌ بليغ عاقلٌ يتميّز بإيحاءات لطيفة، وخصائص نطقية دقيقة، ومعانٍ هادفة بعيدة تجعل منه محلَّ إعجازٍ وبلاغةٍ، وليس هو كالأصوات في سائر اللغات الأخرى. وهذا الكتاب يقف على بلاغة الصوت في القرآن الكريم، ويتملّى الجمالَ فيها، جمالَ ملامسة الأصوات لمعاني الألفاظ وملاطفة سياقها، فالأصوات تناغم أحداث الألفاظ وتحاكي أصوات طبيعتها؛ لما لها من خصائص نطقية ومعانٍ تجعلها محلَّ إعجازٍ وبلاغةٍ. ومعلومٌ أن الدلالة الصوتية هي دلالةٌ نسبيةٌ، وتقوم في أصلها على رهافة الحسِّ وحسنِ التذوق، فلا يُجزمُ بها قطعاً؛ لأنها ليست ثابتة بقاعدة معينة تَحُدُّها كما هو الحال في علم النحو والتصريف، وما ذكرناه من توجيه الأصوات في معانيها إنما أحسسنا بملامسته لمعانٍ لطيفة يُنظر لها مِن طرفٍ خفيٍّ، وأن هذه البلاغة في الأصوات تُناسب سياقها الذي وردت فيه. ومن حيثُ عرض المادة، فكُنَّا قَد عرضنا المعني اللغوي للفظة المُراد دراسَتها بُغيةَ الوقوف على معناها ومدى مناسبتها لخصائص أصواتها ومعانيها ، وذلك يضمن عدم الانجرار وراء دلالاتها المجازية ، لأن الشيوع غالبا ما يُكتب للدلالة المجازية ، ومِن ثَمَّ ربطها بسياقها ونظمها المعجز ؛ ليتبين لنا مدى التناسب والانسجام بينهما.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد