-
/ عربي / USD
إن المذاهب الفقهية، ولا سيما المذاهب الفقهية السنية الأربعة، على الرغم من اختلافاتها في الفروع، لها في النهاية مبادئ ومصادر للاجتهاد نفسها. لكن، مع مرور الوقت والابتعاد زمانيًا عن القرون الثلاثة الأولى من التاريخ الإسلامي - المعروفة باسم عصر تدوين التراث - تتضاءل سيولة الأفكار وتعدد الآراء، وتجتمع أسس المذاهب الفقهية في حزمة واحدة ونواة مشتركة؛ فالأساس الاستدلالي لما نعرفه اليوم بالمذهب الحنفي وموقفه من الكتب الرئيسة للأحاديث السنية - مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من الصحاح - وكذلك نوع تعامله مع الأحاديث النبوية، وخاصة أخبار الآحاد بشكل عام، لا يختلف جوهريًا عن المذاهب السنية الأخرى، مثل المذهب الشافعي أو المذهب الحنبلي.
لكن الفحص الدقيق للوثائق والأدلة القديمة يظهر أن هناك اختلافات بين نهج الإمام أبي حنيفة، مؤسس المذهب الحنفي، والسرد السائد والغالب لكيفية التعامل مع الأحاديث في المذهب الحنفي والمذاهب الأخرى. فهناك انقسامات وانقطاعات أساسية جرى إسكاتها بمرور الوقت ورُفضت في النهاية؛ لذا يبدو أننا في تاريخ الأفكار نواجه "أبو حنيفتين": الأول هو "أبو حنيفة" في أعمال القدماء، والثاني "أبو حنيفة المتخيّل" في أعمال المتأخرين.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد