-
/ عربي / USD
ترك الشيخ المئات من المؤلفات أشهرها كتاب "الفتوحات المكية"، وقسّمه إلى ستة فصول، كل فصل يستمدّ من اسم إلٰهي، و560 باباً. ويُعتبر هذا الكتاب موسوعة لا مثيل لها أثْرَتِ الحياة الروحية والفكرية في الإسلام، وتـُرجمت العديد من أبوابه إلى مختلف لغات العالم. ثم كتاب "فصوص الحكم" وقد لخص فيه مذهبه الوجودي، وقسّمه إلى 27 فصاً. وكتاب "التجليات الإلٰهية"، و"مشاهد الأسرار القدسية"، وكتاب "عنقاء مُغْرِب"، و"إنشاء الدوائر"، وكتاب "التنزلات الموصلية"، وكتاب "مواقع النجوم"، و"الكوكب الدري في مناقب ذي النون المصري"، وغير ذلك من الرسائل والكتب والتي خصص لها د. عثمان يحيى دراسة مستفيضة وفي غاية الأهمية بالفرنسية في مجلدين ضخمين بعنوان «مؤلفات ابن عربي تاريخها وتصنيفها»، ترجمها إلى العربية المصري الدكتور أحمد الطيب. وقد ضاع الكثير منها وخصوصاً تفسيره الكبير في 64 مجلداً وصل به إلى منتصف سورة الكهف، وسماه:"الجمع والتفصيل في أسرار معاني التنزيل". وقد نزع فيه منزعاً لطيفاً وغير مسبوق حيث كان يفسّر كل آية من مقام الجمال أوّلاً، ثم من مقام الجلال ثانياً، ثم من مقام الكمال ثالثاً من غير أن يتكرر التفسير. وأغلب كتب الشيخ مستمدة من أسرار القرآن، وقد صرّح في بعضها بذلك، وأغفل بل أخفى وأبهم البنية الكلية للكثير من كتبه , فكتاب التجليات مثلاً مرجعه لسورة البقرة قسّمه إلى 109 فصلاً، كل فصل مستمد من آية أو أكثر من سورة البقرة. ولهذا يحق للمرء أنْ يقول بأن الحاتمي هو رجل القرآن. وقد قال عنه أحد شيوخ الإمام زروق لمّا سأله عنه بأنه «أعلم بكل فن من أهل كل فن».
وقد شغل الناس في كل عصر حتى لقب بالشيخ الأكبر ومربي العارفين والكبريت الأحمر، وغير ذلك من الألقاب التي تدل على جلالة قدره. وقد نافح عنه كبراء هذه الأمّة من أمثال الفيروزآبادي والإمام السيوطي والإمام النووي والإمام السبكي وأمير المؤمنين في الحديث العز بن عبد السلام وعبد الغني النابلسي والشعراني والأمير عبد القادر الجزائري... واللائحة طويلة. ناهيك عن سلاطين بني عثمان الذين عظموه غاية التعظيم حتى بنى ضريحه السلطان سليم الأول لمّا دخل دمشق بعد مرور ثلاثة قرون على وفاة الشيخ، وصلى أوّل جمعة بالمسجد الذي بناه بجانب الضريح. كما أنّ الكثيرين من نخب الشرق والغرب في زماننا قد تأثروا بالشيخ الأكبر من أمثال الأمير عبد القادر الجزائري الذي سكن خلال بداية إقامته بدمشق نفس البيت الذي كان يسكن فيه الشيخ. كما أسلم العديد منهم من أمثال الشيخ عبد الواحد يحيى René Guénon نابغة الزمان في الإلٰهيات، ومصطفى فلسان Valsan‚ وعلي شودكيفيتش وإبراهيم تيتوس بورخاردت، وغيرهم كثير. وكتبهم العديدة المترجمة إلى جلّ لغات العالم خير دليل على ما نقول. ولم يشذ عن القاعدة في معرفة قدر الحاتمي إلا بعض الفقهاء ممن لم يفهموا كلامه. ولا شك أننا اليوم في حاجة إلى هذا الفيض الأكبري الذي هو نفحة من نفحات المصطفى -عليه الصلاة والسلام- لإظهار الحجّة والقيام بالإشهاد الحضاري لهذه الأمّة على سائر الأمم.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد