-
/ عربي / USD
بَيّنّا في هذا الكتاب أنّ الطلَب المتزايد على النشاط البيْنيّ في الأكاديميا العالميّة كان حصيلةَ اقتناع بأنّ تشبيك الحقول المعرفيّة بعضها في بعض، مَردُّه إلى ما حقّقه من نتائج كبرى حين تحرّرت القضايا المدروسة من حصريّة الاحتكار لصالح هذا العلم أو ذاك؛ فقد أدّى تَسْييلُ الحدود بين الحقول المعرفيّة إلى تغييرات نوعيّة في هُويّة العلوم ومقدّراتها وخصائصها، وساعد على تنمية المحتوى العلميّ، وتطوير شبكات المفاهيم، وتوسيع شُعاع النظر إلى الفرضيّات، والذهاب بالانتظارات البحثيّة إلى الآفاق الرحبة.
لقد دافعْنا عن نظريّة مؤدّاها أنّ التقاطع بين العلوم الدينيّة والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، مهما كانت التوقّعات إيجابيّة في شأنه، يظلّ عاجزاً عن إدراك المقصد الأسمى، وهو إعادة إدراج الإسلام ديناً وحضارة في دورة إنتاج المعنى ومساعدة الإنسان المعاصر على تحسين وضعه في الوجود. وقَدَّرْنا، تحقيقاً لهذا المقصد، أنّ التقاطع ليس إلاّ طوراً تقنيّاً يهيّئ الطريق للصّهر الكامل، حيث يَنتظمُ العلومَ جميعَها نسقٌ واحد له مقدّمات نظريّة ووسائلُ لإنتاج المعرفة وأهدافٌ عليا. وانتهى بنا البحث في هذه النظريّة إلى أنّ معقوليّةَ وجودها لا تتمّ إلاّ ببناء ما اصطلحْنا عليه العقل الأعلى أو العقل الكلّي، وهو بإيجاز عقل الحضارة الذي تُغذّيه سائرُ العقول الجزئيّة، سواء أكانت شرعيّة أم إنسانيّة واجتماعيّة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد