نم هنا أيها الصوفي الطيب، فهذا الفراش أريح من ذاك.علَّق أبو العبّاس سوطه إلى جانب السراج، فيما نزع محيي الدين برنسه.وجلس على حافة الفراش مستقبلاً القبلة باوراد تطرد الشياطين، أغلق أزرار قميصه الأزرق، المطرز بالبياض، فيما اندس أبو العباس في عبادته الصوفية بعد أن نهض إلى...
نم هنا أيها الصوفي الطيب، فهذا الفراش أريح من ذاك.
علَّق أبو العبّاس سوطه إلى جانب السراج، فيما نزع محيي الدين برنسه.
وجلس على حافة الفراش مستقبلاً القبلة باوراد تطرد الشياطين، أغلق أزرار قميصه الأزرق، المطرز بالبياض، فيما اندس أبو العباس في عبادته الصوفية بعد أن نهض إلى السراج ليُطفئ الذبالة بكبسة بكبسة من إصبعيه المبللين بريقه خوف أن تنشر رائحة الزيت في الغرفة فتنغص على محيي الدين نومه، لم تكن الدندنة تنقطع هكذا، مثلما خمد ضوء السراج، كأنما استلقاؤهما المتقاطع.
- رأس الواحد مقابل لرأس الآخر - قد ألهمهما صفاء أبلغ في ذكر الله، كان التضمين آخر ما تلفظ به أبو العباس، وهو يتأهب للنوم.
أحذية حمد الواحد في وحدانيته، وحدانية حمد الآخر في أحديته، ثم خمد فانخرط في فخيخ وبخيخ قريبين من الغطيط، لم يعقب محيي الدين، كأنه سير أغوار العُمق في قول أبي العباس، ولكنه تأمل وقتاً قبل أن ينام.
ولعل ذاك التضمين كان المحفز، الذي حثَّ ابن عربي - على إنشاء كتابٍ في بيت المقدس: هو كتاب "الألف" وآسه "الأحذية".