الغربة... رغم تحقق حلم المغاربة في الإستقلال السياسي وإنتعاش الآمال بغد أفضل، فإن مارية، خطيبه إدريس، ترفض الأمور كما تقع وتقرر الهجرة، ومن وراء ألبحار تصبح إدريس، لا تلج القصور، المزلجة والمغاني المزخرفة، لا تغرق في ماضي بلدتك الخضراء، غدا ربما تلتقي...يقتنع إدريس بوعدها،...
الغربة... رغم تحقق حلم المغاربة في الإستقلال السياسي وإنتعاش الآمال بغد أفضل، فإن مارية، خطيبه إدريس، ترفض الأمور كما تقع وتقرر الهجرة، ومن وراء ألبحار تصبح إدريس، لا تلج القصور، المزلجة والمغاني المزخرفة، لا تغرق في ماضي بلدتك الخضراء، غدا ربما تلتقي... يقتنع إدريس بوعدها، وينتظر أن يعلو صوتها الحقل الهادئ الهادئ وأن تضرم في المدينة نار الثروة والغضب، ليحس بده يتجدد، بجانب إدريس ومارية تنتصب لارة، المرأة السوية، صوت التجربة الكونية، ويتحرّك بوليوس الذي يحلم بحياة بلا سلطان، وشعيب الذي يبحث في أقوال المشايخ عن نهج الإيمان. اليتيم... بعد خمس عشرة من الإستقلال، تغيّر المغرب وعاد مرتفعاً "جليل" (أخلاقه أخلاق الوسطاء)، و"حمدون (ناظر ضيعة على النمط الإنجليزي)، لم يبق فوق المسرح سوى أدريس في عراك متواصل مع الماضي وفي مجابهة مرة مع الحاضر، فواجع عائلية، إخفاقات زوجية ومهنية، صدمات سياسية، تعود مارية، ثم تختفي... يتساءل إدريس... يتخيّل أموراً، ثم يعتقدها، فتحتد أزمنه الوجدانية وينزلق بسرعة على منحدر الذكرى والنصابي: "انسكبت مني الحياة منذ أعوام وتركتني ظلاً أسعى"... قصة خريف يحكيها رجل قتلته الوحدة وشاخ قبل الآوان. رجل الذكرى... ذكرى ذاكرة ذكر... ألفاظ تشير إلى طاهرة.. حيثية، سمة تميز، في ما أرى، الإنسان العربي بين أقرانه ومعاصريه، أرى في هذه الخاصة مشكلة، بل أم المشكلات، في حين أن غيري يراها عادية طبيعية... أتساءل بإستمرار: ما أصلها؟ ماذا يتولد عنها في حياتنا العامة والخاصة؟ تمثل، بالنسبة إلي، "الموضوع" ذاته الذي قلت عنه إننا نجري وراءه ولا ندركه أبداً. من هو رجل الذكرى؟.... طبعاً هو القاص، الحافظ، المذكر، المنذر، في حلتيه القديمة والحديثة، لكن كل واحد منا قاص، ولو في جانب واحد من تفكيره وتصرّفاته. يقول عباس لعمر، أي يقول المؤلف لظله: لماذا تحكم على القاص بالإندثار؟ فيرد عمر، أي المؤلف، بل هو الذي حكم على نفسه... يسجل عمر إنحلال علاقته بماضيه كما يسجل عجزه عن ربط علاقة قوية جديدة مع الحاضر، فيواجه وحيداً أعزل المستقبل الغامض، ومن وراء المستقبل الزمن المتحكم في كل شيء... وأنت الملك العاني، أرفق بنا واجعل من كلامنا هذا لغواً لا يتجدد. هل جاد علينا الزمن ببعض النسيان؟ هل توقف هذياتنا أم تواصل وتجدد؟ هذا سؤال المؤلف القارئ اليوم.