لم تأت مقاومة مشروع الحداثة والنهضة من جانب الشعوب والمجتمعات أو من أغلبيتها، وإنما جاءت كما لا يخفى على عاقل من قبل ثلاث قوى رئيسية: الإمبريالية الغربية أولاً وفي مقدمها إسرائيل، والنظم العربية التقليدية شبه الإقطاعية ثانياً، والقوى الإجتماعية العربية التي تضررت بالفعل...
لم تأت مقاومة مشروع الحداثة والنهضة من جانب الشعوب والمجتمعات أو من أغلبيتها، وإنما جاءت كما لا يخفى على عاقل من قبل ثلاث قوى رئيسية: الإمبريالية الغربية أولاً وفي مقدمها إسرائيل، والنظم العربية التقليدية شبه الإقطاعية ثانياً، والقوى الإجتماعية العربية التي تضررت بالفعل من إجراءات الإصلاح التحديثي التي اتخذتها الحكومات الحكومات الوطنية: إزاحة النخب الإستقراطية أو شبه الإرستقراطية والإقطاعية السائدة وإحلال نخبة جديدة، من أصول ريفية غالباً، وسطى وشعبية، محلها، وتشجيع ثقافة المواطنية الحديثة، في مواجهة ثقافة المراتبية والهرمية والتمييز ضد الطبقات الدنيا، التي وسمت كل النظم التقليدية، نزع ملكية الأرض الإقطاعية وإعادة توزيعها، تأميم المصارف والشركات الخاصة. هذه هي القوى الثلاث التي ورثت العالم العربي بأكمله بعد سقوط ثورته التحديثية، وهي التي قادته وادارت شؤونه منذ السبعينيات من القرن الماضي ولا تزال، وخياراتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعلمية والتقنية هي المسؤولة الرئيسية عما يعيشه العالم العربي اليوم، وما يعيشه هو ثمرة النظام الجديد، الإجتماعي والسياسي والإقليمي، الذي أقامته هذه القوى والذي وضع لخدمة مصالحها وتعزيز مواقعها في الداخل والخارج الدولي معاً، وهذا ما يفعله بالضبط.