يواجه هذا الكتاب جملة أسئلة تتعلق بالنظر الجمالي في الفعل الإبداعي ، نظرياً ونقدياً ، سواء على صعيد تطور الفكر الجمالي عامة أو على مستوى السياق الفلسفي العربي . وقد تم التركيز ، بالأساس ، على علاقات هذا النظر بالصورة السينمائية باعتبارها كشفاً للذات في تناقضاتها ومفارقاتها...
يواجه هذا الكتاب جملة أسئلة تتعلق بالنظر الجمالي في الفعل الإبداعي ، نظرياً ونقدياً ، سواء على صعيد تطور الفكر الجمالي عامة أو على مستوى السياق الفلسفي العربي . وقد تم التركيز ، بالأساس ، على علاقات هذا النظر بالصورة السينمائية باعتبارها كشفاً للذات في تناقضاتها ومفارقاتها وتوتراتها ، وللمجتمع وللمجتمع في تفاوتاته ومظالمه وأوهامه وأشكال استلابه ، وكشفاً لكل مستويات الوجود الإنساني . فالسينما تمثل إبداعاً بصرياً وجمالياً يركّب بين ما انطبع في المخيلة من أشياء الواقع ، وما اختزن في الذاكرة من رصيد رمزي ، وما يمتلكه الفاعل السينمائي من قدرة على التخيّل ؛ إذ لم يُعفَ هذا الحقل الإبداعي أي موضوع ، اخترق المُباح والمُحرم ، وكشف عن الظاهر والمتستر ، وقدم كل ذلك للعموم ، ما جعله أكثر الفنون " ديمقراطية " التي أنتجتها الحداثة الفنية .
ولعل الفيلم الذي يترك أثراً في الناس ، كيفما كانت خلفيات وغايات أصحابه ، هو الفيلم الذي ينجح في نسخ صور وإنتاج تركيب حكائي قادر على صياغة المعنى ، والإنتباه لوضعيات الإنسان ، والإشتغال على أبعاد الفيلم الجمالية ، كما يسعى إلى خلق فرص التفاعل المناسب مع منتوجه . والمعروف أن السينما فن جماعي وحقل إبداعي يتميز بخصوصية إجرائية في منتهى التعقيد والصعوبة : ولعل إنجاز فيلم معناه الإنتصار على كل العوائق السياسية والإقتصادية والثقافية والنفسية التي لا تسمح للفاعل السينمائي ببناء سروده ورسائله .
يتضمن هذا الكتاب قسماً فكرياً ونظرياً ، وقسمين نقديين تطبيقيين ، وقسماً تأريخياً : ويتوخى النظر إلى الإبداع السينمائي باعتباره حقلاً غنياً للتفكير ، والنظر في شروط إمكان استدعاء السينما لاحتلال المكانة المناسبة في المناقشة الفكرية والجمالية التي تدور حول أسئلة الحداثة الفنية في الثقافة العربية ، وما تفترضه من قضايا تهم الوجود والسياسة والتاريخ والثقافة والجسد والذاكرة والحرية .