الذكورة والأنوثة خاصيتان بيولوجيتان، وهما بذلك أصل التلاقح والتناسل والتكاثر، إنهما جزء من وظيفة في الجسد سابقة على التمدن والتحضر، ولكنهما يُحددان أيضاً موقعاً داخل نظام رمزي يُذكر ويُؤنث إستناداً إلى سند لغوي يتميز بتقطيع خاص للمدرك الخارجي لا يراعي في الكثير من...
الذكورة والأنوثة خاصيتان بيولوجيتان، وهما بذلك أصل التلاقح والتناسل والتكاثر، إنهما جزء من وظيفة في الجسد سابقة على التمدن والتحضر، ولكنهما يُحددان أيضاً موقعاً داخل نظام رمزي يُذكر ويُؤنث إستناداً إلى سند لغوي يتميز بتقطيع خاص للمدرك الخارجي لا يراعي في الكثير من الحالات حقيقة الجنس في ما يتم تقطيعه.
وهذا تقطيعه.
وهذا مصدر إختلاف اللغات في الكشف عن الجنس والعدد وتسمية أشياء الكون وظواهره؛ إن اللغة، على خلاف الحس المحايد، لا تُخْلص دائماً للعالم الذي تقوم بتمثيله، إنها تُصنف كائنات العالم إستناداً إلى إكراهات ثقافية تختلف بإختلاف معتقدات الناس وتصوراتهم للحياة والموت، وذاك هو الفاصل المركزي بين الحس في الطبيعة وبين التمثيل الرمزي في الثقافة.
لذلك لم تعد هذه الثنائية موجهة للتعبير عن حاجة أملاها النوع النحوي في اللغة فقط، بل تحولت إلى مستودع لقيم وأحكام وتقديرات خاصة بموقع النساء والرجال داخل المجتمع، فهي الأساس الذي يقوم عليه توزيع الأدوار والمهن والوظائف والأحاسيس ونصيب الذكر والأنثى من الإرث والشهادة؛ ومن خلالها أيضاً يُفْصَل بين القوي والضعيف والسلبي والإيجابي والإيلاجي والإستيعابي.
بل إن اللغة ذاتها انشطرت وأصبحت مستودعاً لكلمات تتداولها النساء، وأخرى خاصة بالرجال وحدهم.