يعالج هذا الكتاب إشكالية مفادها: إن السياسة الخارجية الأمريكية ومنذ بداية عهد الرئيس باراك أوباما باتت تواجه تحدّيات غير تقليدية، تنذر بتراجع الهيمنة الأمريكية على العالم، وهذه التحدّيات كانت في معظمها نتيجة تداعيات حربي أفغانستان والعراق، إذ أفضت تلكما الحربان إلى نكسة...
يعالج هذا الكتاب إشكالية مفادها: إن السياسة الخارجية الأمريكية ومنذ بداية عهد الرئيس باراك أوباما باتت تواجه تحدّيات غير تقليدية، تنذر بتراجع الهيمنة الأمريكية على العالم، وهذه التحدّيات كانت في معظمها نتيجة تداعيات حربي أفغانستان والعراق، إذ أفضت تلكما الحربان إلى نكسة حقيقة للقدرة الإقتصادية الأمريكية، والتي تكلّلت بإنهيار أسواق المال الأمريكية في عام 2008، وتراجع سمعة الولايات المتحدة وثقلها العالمين وقد تزامن ذلك مع ظهور تحدّيات دولية أخرى ليست ذات طابع عسكري، متمثلة في بزوغ قوى دولية جديدة بدأت تنافس الولايات المتحدة وتملأ الفراغ الذي خلّفه تفكك الإتحاد السوفيتي، وتعيد التوازن إلى النظام الدولي من جديد. ومن بين أكثر القوى المرشحة لإحتلال هذه المكانة، هي الصين وروسيا، بوصفهما قوتين دوليتين صاعدتين ومتقدمتين، فضلاً عن سعي بعض الدول التي تعدها الولايات المتحدة مارقة كإيران وكوريا الشمالية لإمتلاك السلاح النووي وغيرها من التحديّات التي بات من الصعب التعامل معها من خلال القوة الصلبة فقط، أو من خلال القوة الناعمة التي تحتاج إلى دعم القوة الصلبة لضبط أداء عملها، الأمر الذي انعكس على تفكير منظّري السياسة الأمريكية ومحاولاتهم رسم إستراتيجية شاملة يقع على عاتقها معالجة الآثار الناجمة من سياسات الإدارة السابقة، ومواجهة تحديات السياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين بأقل الخسائر المادية والبشرية. لا سيما وأن هذه التحدّيات تختلف كليّاً بعضها عن بعض، فبعضها يقتضي ترجيح أدوات القوة الناعمة لمواجهتها، وبعضها الآخر يتطلب إستخدام القوة الصلبة لمعالجتها، والبعض الآخر يتطلب إستعمال كلتا القوتين (الناعمة والصلبة) لمواجهتها. لذا، فإن البحث عن دور القوة الذكية في السياسة الخارجية الأمريكية مع ظهور هذه التحدّيات أصبح من الضرورات الإستراتيجية إذا ما أرادت الإدارة السياسية الأمريكية إدامة الهيمنة في عالم لم تعد فيه الولايات المتحدة القوة العظمى بدون منافس.