قد يتساءل الكثيرون عن سبب ترجمة هذا الكتاب إلى العربية، وتسليط الضوء على جانب معتم في الصراع الفلسطيني الصهيوني، طالما حرصت الغالبية على إغفاله، فالأمر يتعلق بتعاون البعض مع الحركة الصهيونية، في الفترة الواقعة، بين عام 1917 وعام 1948، حيث استمرأت غالبية المتنفذين من...
قد يتساءل الكثيرون عن سبب ترجمة هذا الكتاب إلى العربية، وتسليط الضوء على جانب معتم في الصراع الفلسطيني الصهيوني، طالما حرصت الغالبية على إغفاله، فالأمر يتعلق بتعاون البعض مع الحركة الصهيونية، في الفترة الواقعة، بين عام 1917 وعام 1948، حيث استمرأت غالبية المتنفذين من السياسيين والمثقفين العرب إتباع الأسلوب العربي المعتاد، في غض الطرف عن النقائض ليبقى الوضع المتقيّح على حاله، دونما دراسة جادة معمّقة لمعرفة الأسباب الموضوعية التي دفعت البعض إلى التعاون، ومن ثم العمل على معالجة أسباب الضعف وإجتثاثها. وكان أن استمرت السلبيات واستفحلت ليعيش الفلسطينيون والعرب عامة الأخطاء الموضوعية والإستراتيجية ذاتها، مع ما جلبته من مآزق وهزائم المرة تلو الأخرى. إن المعالجة الموضوعية للوضع الإجتماعي المتردي تتطلب المُكاشفة وإتخاذ أساليب علمية وإيجاد حلول جذرية على الصعيدين الثقافي والإجتماعي، لكن الخشية من المساس بواقع إجتماعي سياسي مستقر متخشب أبداً، تبقى، للمفارقة، صاحبة الكلمة الفصل. يتعرض الباحث الإسرائيلي هِلِّيل كوهن في كتابه "جيش الظل" أو جيش من الأشباح، وفقاً للترجمة الحرفية، إلى الإحتكاك اليومي بين عرب فلسطين واليهود قبل عام 1948، ويطرح نماذج مختلفة للمتعاونين ودوافعهم المتباينة، ولا شكّ بوجود أمثالهم في مختلف البلدان، لتتكشف إبّان تلك المرحلة آفات إجتماعية متجذرة، لم يخلُ منها الجوار الجغرافي، استغلها الصهاينة بإقتدار وعملوا على تصعيدها وتفاقمها، وهذه سمات عجّلت ولا ريب في إقامة دولة إسرائيل، وهي تحقق أهداف الحركة الصهيونية كافة بأقل كلفة. ربما يتعرض البعض؛ لماذا تُكشف هذه المثالب الآن؟!... ألا يكفي حاضر فلسطين المتخم بالتشرذم والقهر؟!... وما آلت إليه قضيته الوطنية من وضع يائس يتناوشه الفساد والإفساد، ناهيك عما يعصف الآن في مناطق الحكم الذاتي من إنقسامات ونزاعات حادة، كفيلة بضياع البقية الباقية من أرض فلسطين التاريخية والإطاحة بقضيتها العادلة؟. ليس الجوار العربيّ بأفضل حالاً؛ يشوب معظمَه أيضاً عواملُ ضعف البنية الإجتماعية ورخاوة تماسكها، بكل ما يفرزه وذلك من سلبيات وسلوكيات قد تلحق الضرر بالعباد والبلاد وتودي بالمصلحة الوطنية، فالدول العربية منقسمة متفرقة تفتقر إلى رؤية إستراتيجية موحّدة، وباتت إختلافات نخبها الحاكمة سبباً للخصومة وتقوقع كل منها في دواخله، المترعة بالآفات وبالسلبيات الإجتماعية المتجذرة...