دخول حزب الله في معركة القصير شكل منعطفاً إستراتيجياً كبيراً في الحرب الدائرة في سوريا أثّر على مسار المعركة محلياً، إقليمياً ودولياً.ولم يكن هذا التدخل إلا قراراً كبيراً اتخذه محور موسكو - طهران مروراً ببغداد وبيروت، وهذا ما فهمته الولايات المتحدة جيداً، وسرعان ما ظهرت...
دخول حزب الله في معركة القصير شكل منعطفاً إستراتيجياً كبيراً في الحرب الدائرة في سوريا أثّر على مسار المعركة محلياً، إقليمياً ودولياً. ولم يكن هذا التدخل إلا قراراً كبيراً اتخذه محور موسكو - طهران مروراً ببغداد وبيروت، وهذا ما فهمته الولايات المتحدة جيداً، وسرعان ما ظهرت آثار التدخل العسكري لحزب الله بالإستنفار غير المسبوق الذي قادته السعودية في الإقليم بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا وأميركا دولياً لوضع حزب الله على مختلف لوائح الإرهاب غربيةً أوروبيةً كانت أو عربية، كما كان لهذا الدخول العسكري تأثيراته الميدانية على الأرض السورية من القصير إلى حمص ودمشق والجنوب وصولاً إلى الشمال السوري، ما حمل القوى الدولية والإقليمية الداعمة لمسلحي المعارضات السورية على إجراء تغييرات في إستراتيجية الهجوم ظهرت في التدخل المباشر للولايات المتحدة الأميركية عبر التهديد بضرب سوريا بذريعة إستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الدمشقية. لم يكن حزب الله هو أول الفاعلين في الأزمة السورية؛ فبين خطاب القرضاوي في أيار عام 2010 الذي دعا إلى الجهاد في سورية وخطاب أمين عام حزب الله الذي أعلن فيه قرار الحزب التدخل العسكري في القصير عام 2013، فترة سنتين دخل أثناءها آلاف المتطوعين التكفيريين للقتال ضد الجيش السوري من كل أنحاء العالم. بل إن حزب الله ربما تأخر في دخول المعركة بعد سنتين من التدخل التكفيري والفتاوى الجهادية التي استهدفت حليفه الأساس في المنطقة، وظهيره الذي لا يمكن للحزب أن يتحمل تبعات إنكشافه، فكيف بكسره، كما يريد ويردد معارضون سوريون وداعمون لهم في الغرب وبلاد العرب منذ بداية الأزمة السورية... منطقة القصير هي الثغرة الجغرافية المثلى للجيوش الغازية عبر التاريخ للنفوذ إلى داخل سورية، لأنها السهل الصغير والوحيد، الذي يقطع سلسلة الجبال الغربية الساحلية الممتدة من لبنان إلى سوريا فتركيا، وبتحريرها يستعيد العمود الفقري السوري فقرته الذهبية. في عام 1273 قبل الميلاد، كانت معركة تل قادش التاريخية في ريف القصير بين المصريين والحثيين للسيطرة على آسيا، والتي سميت حرب قادش الثانية، هي التي قررت مصير العالم حينها لثلاثة قرون تلت، وبعد أكثر من ثلاثة آلاف عام، ومن تل قادش أيضاً، دخل حزب الله الحرب في سوريا لتعود منطقة القصير المنطلق لتغيير الوجه الإستراتيجي للعالم وتغيير وجه المنطقة لأجيال مقبلة. قُدِّر لي، في 8 نيسان 2013، أن أشهد بأمّ العين سقوط تل قادش بيد مسلحي جبهة النصرة، وكنت يومها في بلدة العقربية في ريف القصير مع بعض الأصدقاء.