اليوم، وأكثر من أي يومٍ مضى حتى الآن... ما أحوجنا جميعاً، إلى إعادة قراءة أنطون سعاده، كما قرأها فواز خوري ابن جديدة مرجعيون، المحُاددة لفلسطين المحتلة، والذي كان من طليعة المنتسبين إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي والناشطين فيه منذ أواسط العقد الثالث من القرن الماضي،...
اليوم، وأكثر من أي يومٍ مضى حتى الآن... ما أحوجنا جميعاً، إلى إعادة قراءة أنطون سعاده، كما قرأها فواز خوري ابن جديدة مرجعيون، المحُاددة لفلسطين المحتلة، والذي كان من طليعة المنتسبين إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي والناشطين فيه منذ أواسط العقد الثالث من القرن الماضي، وحيث شكّل قيام الكيان الإسرائيلي وهزيمة الجيوش العربية دافعاً قوياً لزعيم الحرب أنطون سعاده لمهاجمة الفكرة الصهيونية، وتحميل مسؤولية كارثة فلسطين لفشل الأنظمة العربية ولإنعدام الوعي القومي، ولسياسة الخصوصيات الحزبية والدينية والعشائرية كما تتابعون في الإعلام الآن... وللترويج لعقيدته القومية التي تعمل على إيقاظ وجدان الناشئة القومي، وعلى إعتماد الروحية القومية عاملاً موحّداً للقلوب والأفكار والنهوض بالأمة نحو ميادين الحياة الواسعة، كما يقول فواز خوري في بداية كتابه، وما أشبه الليلة البارحة.
وما أحوجنا، اليوم أيضاً، أن نعيد قراءة ما نبّه إليه أنطون سعادة في خطبته التي ألقاها في إفتتاح نادي الطلبة الفلسطيني في الجامعة الأميركية ببيروت سنة 1933، والتي قال فيها: "إنني أخشى أن تكون سوريا آخذة في الإنزلاق من أيدينا المتفرقة، ففي الجنوب تتراجع الحدود السورية أمام الحدود اليهودية، وفي الشمال تتقلص أمام الحدود التركية: إن سوريا تواجه خطرين مداهمين: الواحد في الجنوب وهو الخطر اليهودي، والثاني في الشمال وهو الخطر التركي".
وفي حماة التسابق المحموم، الذي نشهد، لوراثة مقاعد السلطة في الأنظمة العربية المتداعية أمام زحف، أو تزحيف، جماهير "الربيع العربي"، لم يرتفع ولو شعار واحد في الشأن القومي، ولا هتف أحد لفلسطين وقضيتها، بل شعارات معظمها دينية بعناوين شتى، وكأن الدين هو المتغصّب لا الأرض... مع أن "الدين في أصله" كما يقول سعادة في نشوء الأمم (صفحة 238 من الكتاب)، إن الدين لا قوميّ ومنافٍ للقومية وتكوين الأمة، لأنه ذو صبغة عالمية، ولا يوجد في الدين سوى رابطة المؤمنين بعضهم ببعض بصرف النظر عن الأجناس والبيئات، وأن الدين يقول بإلغاء الأمة والقوميات، ولأن رابطة الدين تهمل الجغرافية والإقليمية والسلالية والنفسية الإجتماعية، أي جميع العوامل التي توجد الواقع الإجتماعي.
لا نظن أن هناك حاجة القول إن هذا الكتاب يُقرأ، ويقرأ في كل آن، وهو كتاب مرجعي، شامل وحميم لقوم يعقلون.