عندما تصوّفت لم أقبل ولم يقبلني ضعف وإستسلام المتصوّفة، عندما تديّنت لم يقبلني المتظاهرون بالدين والتقوى ولم أقبل أن يكون تديّني نسبياً، لم أقبل ولم يقبلني الملاحدة والزنادقة، لأنني لم أقبل محاولاتهم لقتل كلّ أو أيّ إيمان إيجابي عند الآخرين، لم أقبل المنافقين ودناءتهم...
عندما تصوّفت لم أقبل ولم يقبلني ضعف وإستسلام المتصوّفة، عندما تديّنت لم يقبلني المتظاهرون بالدين والتقوى ولم أقبل أن يكون تديّني نسبياً، لم أقبل ولم يقبلني الملاحدة والزنادقة، لأنني لم أقبل محاولاتهم لقتل كلّ أو أيّ إيمان إيجابي عند الآخرين، لم أقبل المنافقين ودناءتهم ولم يقبلني المنافقون في جوقتهم، لم أستطع أن أكون وسطياً أو رمادياً؛ لم أقبل ولم يقبلني من هم دون رسالة، دون لون ولا طعم ولا رائحة، دون تجربة ولا رؤية ولا هدف، دون مبادئ ولا قيم، لم أستطع أن أؤمن ببعض الكتاب وأكفر ببعضه الآخر. عندما كتبت الشعر لم أقبل ولم يقبلني أصحاب الأعراف والقوالب؛ عندما كتبت في الفكر والآداب والفنون والإبداع لم أقبل ولم يقبلني أصحاب القواعد والقوانين والحدود؛ عندما حاولت النشر لم أقبل ولم يقبلني التجّار، لم أقبل التراثيين وتقديسهم وتمجيدهم لأرشيف تاريخ فيه الكثير من التافه والمزّور، لم يقبلني الكلاسيكيون ولم أقبل قيودهم وأسوارهم وجمودهم، لم أقبل هروب الرومانسيين من الواقع ولا آهاتهم، لم أقبل (قص ولزق وترقيع) الدادائيين، ولا تمويهات البرناسيين، ولا أوهام وشطحات السورياليين، ولا إنتحارات العدميين، ولا فوضى وعدم جدوى العبثيين، ولا أزياء ورغبات الحسيّين الجسديين، ولا غرور النرجسيين، ولا إنغلاق ومحدودية الإجتماعيين، ولا تجديد الأزياء والأشكال، فقط، عند بعض المجدّدين، ولا تجديد بعض المضامين، فقط، عند بعض الإحيائيين، ولم أقبل وقوف الحداثيين عند بدايات الحداثة الغربية، فقط، ولم أقبل القفز إلى ما بعد الحداثة قبل الحداثة، قبل النفاذ إلى سرّها وإمتلاك جوهرها ووعيها، ولم أقبل القفز إلى تعددية ما بعد الحداثة شكلياً وتمظهراً، ولم أقبل ولم يقبلني أصحاب الفنّ للفنّ أو الحياة للمتعة والترفيه وهم يحاولون إلغاء الهدف السامي للحياة وللفن.