أوصى الإنطاكي ببناء خيمة في بقعة من الصحراء تقع بين مثلَّث إنطاكيا تدمر-حلب- الفرات وبحجم قاعة المؤتمرات في مبنى إمبراطوريته في بيروت التي تتسع لثلاثمئة شخص، وأصرَّ أن يكون اللون الأخضر سائداً وأن تُخصَّص ثلاث زوايا لتحرُّك الإعلاميين بكاميراتهم وميكروفوناتهم، وزوَّدها...
أوصى الإنطاكي ببناء خيمة في بقعة من الصحراء تقع بين مثلَّث إنطاكيا تدمر-حلب- الفرات وبحجم قاعة المؤتمرات في مبنى إمبراطوريته في بيروت التي تتسع لثلاثمئة شخص، وأصرَّ أن يكون اللون الأخضر سائداً وأن تُخصَّص ثلاث زوايا لتحرُّك الإعلاميين بكاميراتهم وميكروفوناتهم، وزوَّدها بمكيفات الهواء، وارتفعت البيارق...
وفي الساعة المحدَّدة احتشد تحتها الموظفون الذين أتوا براً وجواً من دول بعيدة وجلسوا كالدمى على الكراسي التي علِّقت عليها بطاقات بأسمائهم وألقابهم ومراكزهم، جحظت العيون الخائفة، وضاعفت الأسئلة من حيرتهم: "ما غاية هذا الإجتماع؟" "لماذا هنا في قلب العدم وليس على شاطئ البحر حيث يتكافأ السفر الطويل بالمتعة والراحة، والكثير من البصبصة؟" "أيَّة مفاجأة... سرّ سيعلنه الإنطاكي في هالحشرة؟" "تأخرَّ خمس دقائق، عشر دقائق! ما من عادته.
منذ عرفته يصل قبلنا إلى الموعد، يا ترى، ليس هناك مساعد يخبر عن سبب هذا التأخير اللامألوف؟" كان مشهداً مشوِّقاً يعرض إرباكاً عاماً، وصعَّدت حركة فرك الأيدي عنصري الترقُّب والحذر فبلغ التوتّر ذروته، ووصف أحد المتتبعين هذا الإجتماع بـ"الكوميديا السوداء، تثير الضحك ثم تباغتنا بخناجرها لتمزِّق شرايين الرِّئة".