لقد أصبحت وأسست الثقافة العربية بلا هوية واضحة، ولم تسجل طوال خمسين عاماً مضت أي نقلة إيجابية من شأنها تحريك الحياة الراكدة والانضمام إلى ركب الحضارة العصرية التي تعيشها الدنيا، فظلت واقفة تتفرج مكتوفة الأيدي حتى طارت الطيور بأرزاقها، وتفرغت فقط، بعد أن فشلت في حفظ قوانين...
لقد أصبحت وأسست الثقافة العربية بلا هوية واضحة، ولم تسجل طوال خمسين عاماً مضت أي نقلة إيجابية من شأنها تحريك الحياة الراكدة والانضمام إلى ركب الحضارة العصرية التي تعيشها الدنيا، فظلت واقفة تتفرج مكتوفة الأيدي حتى طارت الطيور بأرزاقها، وتفرغت فقط، بعد أن فشلت في حفظ قوانين اللعبة، لإلقاء اللائمة على الحكام والساسة والزعماء لشراء العاطفة الشعبية بثمن بخس. ولعل هزائمها المتوالية في المعارك الثلاث التي خاضتها على أرض الواقع هي السبب وراء الأزمة التي تعيشها حتى الآن: حين اقتحمت المرة الأولى أرض القتال في محاولة لانتزاع الولاية الفكرية في الخطاب الديني. أما المعركة الخاسرة الثانية للثقافة فكانت أمام السلطة عندما أرادت (أي الثقافة) أن تمارس أدوات ومقومات تمكنها من الوصول بأمان إلى نهاية المطاف، وبعد أن استشعر المثقفون أن الناس بدؤوا يكتشفون غاياتهم أشاعوا دعاية رخيصة مفادها أن القيادات تخاف من الثقافة بحجة أنها تفضح واقعهم المر. أما الضربة الثالثة والقاضية فتلقتها الثقافة من الشعب نفسه، فالعقلية العربية لم تستطع التأقلم مع حضارة بادت وأصبحت في ذمة التاريخ وتكدست تحت أنقاض الماضي؛ لأن اللغة وهي المحور الرئيسي في نقل أي ثقافة إلى الأجيال المتعاقبة بحروفها العربية الثمانية والعشرين، وقفت عاجزة عن ربط الأمس باليوم والمستقبل. هذه أسباب التراجع الثقافي العربي، لولا أن الاختلافات ستستمر حول الداء والدواء، وكذلك الطبيب المداويا، والمبكي في أمر الخلاف العربي المستمر أن المثقفين أكثر خلافاً حتى على تحديد أمور محسومة. بمثل هذه الرؤية استهل صالح الخليف كتابه "هؤلاء" في محاولة لإشراك القارئ في هموم الثقافة العربية ومثقفيها ليترك المجال في ما بعد لمجموعة من المثقفين وعلى الأغلب الكتاب ليعيروا عن ذواتهم بقلمهم وذلك من خلال الإجابة عن تساؤلات الكاتب المطروحة على هؤلاء وذلك بهدف البحث عن الهوية الحقيقية لكل واحد منهم وؤلاء الكتاب والمثقفون هم: إدريس الخوري، عبده خال، شوقي بغدادي، غازي القصيبي، تركي الحمد، ربيعة ريحان، عبد الله باجيير، قماشة العليان، عبد الغني أبو العزم، نوال السعداوي، جمال الغيطاني، سعيد الكفراوي، محمد جلال، خيري الذهبي، عالية شعيب، أنيس منصور.