وأنت تقرأ الدكتور نديم بيطار، ترى نفسك أمام واحد من أبرز عمالقة الفكر القومي الوحدوي، جعل وحدة العرب القومية السياسية في رأس إهتماماته ومقدم أوْلياته، وكل ما عداها من عوامل وأهداف يأتي في المرتبة الثانية.وفي الكتاب هذا ينتقد "الطريق الإقتصادي كأداة إلى الإتحاد السياسي"...
وأنت تقرأ الدكتور نديم بيطار، ترى نفسك أمام واحد من أبرز عمالقة الفكر القومي الوحدوي، جعل وحدة العرب القومية السياسية في رأس إهتماماته ومقدم أوْلياته، وكل ما عداها من عوامل وأهداف يأتي في المرتبة الثانية. وفي الكتاب هذا ينتقد "الطريق الإقتصادي كأداة إلى الإتحاد السياسي" ويكشف بالبراهين التاريخية والأدلة العلمية المنطقية عن أن الوحدات السياسية التي تمت في الكثير من الدول الكبرى والصغرى على حد سواء، لم يكن وراء تحقيقها دوافع إقتصادية بمعزل عن المشاعر القومية الجارفة التي كانت الدافع الأول في مسيرة النضال الوحدوي. ويرى المؤلف أن نجاح حركة التوحيد السياسي رهن بوضعها الهدف الوحدوي في قلب نضالها، لا في أطرافها، بحيث يحتل الصدارة في سلّم إهتماماتها، قبل أي إعتبار آخر. والتاريخ الحديث بكل أحداثه، يدل عبر التجربتين الرأسمالية والشيوعية أن التنمية الإقتصادية لا تؤدي إلى وحدة سياسية، وبالتالي فإن الأحداث العالمية الكبرى، كالحرب الكونية الأولى، شكلت صدمة عند الكثيرين من الماركسيين لأنهم رأوا أنفسهم عاجزين عن تفسيرها وفقاً لمنطقهم الماركسي في تفسير التاريخ، وحتى القبائل البدوية لم يكن القتال فيها لأسباب مادية إقتصادية فحسب، بل كان في كثير من الحالات وليد الشعور بالكرامة والكبر والأنفة وغيرها من القيم التي تتمسك بها الشعوب وتعضّ عليها بالنواجذ وتسترخص في الذود عنها بالغالي والنفيس. وثورة فيتنام لم يكن النضال الثوري فيها قائماً على العدالة الإجتماعية أولاً، بل كان يرتكز على الكرامة القومية التي انتهكها الإستعمار، شأنه في كل البلدان الخاضعة لطغيان الإحتلال. ... وبعد، فالكتاب ثروة فكرية قومية ينفرد بموضوعيته الصارمة ونهجه العلمي الدقيق وحرصه الملحاح على إنارة الطريق أمام النضال العربي الوحدوي - المتعثر دائماً - والضائع في متاهات الشعارات الضبابية التي هدرت وتهدر الطاقات النضالية العربية، ما لم تتوافر لها الأداة الثورية الفكرية العلمية التي تخرجها من عالم الخيال والأحلام إلى عالم الواقع والحقيقة.