بين أيدينا كتاب حول سعادة ونهجه الفكري لباحث صرف ثلاثين عاماً في حقل المباحث التاريخية، مضى أغلبها بأمته السورية، في ولعه بها مهد الحرف والحضارة التاريخية والمدارس والحركات الفكرية، هذا الباحث المولع بأمته السورية وتاريخها، لم يبدأ قراءته لسعادة إلا بعد الثلاثين عاماً...

بين أيدينا كتاب حول سعادة ونهجه الفكري لباحث صرف ثلاثين عاماً في حقل المباحث التاريخية، مضى أغلبها بأمته السورية، في ولعه بها مهد الحرف والحضارة التاريخية والمدارس والحركات الفكرية، هذا الباحث المولع بأمته السورية وتاريخها، لم يبدأ قراءته لسعادة إلا بعد الثلاثين عاماً التي مضى في التأليف بدأها في أيلول 1993، بالرغم من الرباط الجامع بين ولعه بأمته وبنشره المباحث حول تاريخها الحضاري الزاهي، وبين كون سعادة هو صاحب المدرسة الفكرية النضالية السياسية التي دار نضالها على توعية الأمة السورية على حقيقتها وحقيقة تاريخها الحضاري الزاهي، في تفسير ذلك يأتي قول الدكتور بشور "كنت منفتحاً على الأدب الماركسي وفلسفة العولمة الاجتماعية، ولما كانت تكال الشتائم والاتهامات غير الموثقة (لسعادة وضربه) كنا نردد كمراهقين تلك الاتهامات والشتائم، وكأن به يقول لنا أن ما أغناه عن كل قراءة لسعادة امتلاء فهمه من خلال الاتهامات والشتائم وشبع روحه وعقله "بحيثياتها ومعاييرها وأحكامها".
ويقرأ الدكتور بشور الكتاب الأول من مجموعة الأعمال الفكرية لسعادة في مجلداتها السنة عشرة فيقول: "بدأ تقديري والحباري لسعادة وعبقريته المبكرة منذ طالعت الكتاب الأول لأثارة الكاملة". وينفض الباحث التاريخي عن نفسه مستاء الكرة والنفور وتأثيرات الأديان وحيثيات الاتهامات، ليلتهم في عشرة أشهر الآثار الكاملة لسعادة ومختلفة كتابات السوريين القوميين الاجتماعيين التي سعى إلى التزود بها.
ويعمد الدكتور بشور، كما هو جدير بباحث تاريخي علمي إلى تمثل سعادة في نفسه وعقله، يتمثله في أشواقه وآماله ومعاناته ومعاييره كما يتابعه خطوة خطوة، فكراً فكراً، ليخرج لنا بدراسة تاريخية منقبة مستطلعة مقارنة، في رصده التاريخي المتشرب برهافة العقل والوجدان، يقدم الدكتور بشور نهج سعادة الفكري، فيقدم نهجاً فكرياً نضالياً عملياً لا أثر فيه للتنظير وإغراق الذهن والخيال بالرؤى والتصورات لنماذج مسبقة الصنع قامت دعوة سعادة على عمل لترجمتها وتنفيذها في أرض الواقع، في كتاب الدكتور بشور، يطالعنا سعادة، قائداً نضالياً عملياً، لا يهمل الفكر اليومي لصالح المقولات الفارقة والكليات المقدسة، وإنما يدير المقولات التي جعلها منطلقات عمل، لنسيج علاقة مختلفة مع الواقع تسهم في تغيير الواقع.