منذ أن انتهت الحرب الباردة عام 1989 والمناقشات تدور حول الشكل الذي سوف تكون عليه العلاقات الدولية. وبصيغة أدق: في ظل الحرب الباردة التي بدأت مع تقاسم الحلفاء تركة الحرب العالمية الثانية كانت تسود العلاقات الدولية علاقة القوة بين دولتين عظميين نووييتين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وكانت اللعبة الدولية تجري في ضوء هذه العلاقة، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي لم يبق في الساحة الدولية سوى دولة عظمى واحدة وبذلك غابت القاعدة التي كانت (تنظم) العلاقات الدولية وبدأ العالم في حالة من عدم التوازن وبالتالي من عدم الاستقرار وراحت الحاجة تلح على ضرورة إيجاد قاعدة جديدة (تنظم العلاقات الدولية في الوضع الجديد ومن هنا جاءت عبارة (النظام العالمي الجديد) المتداولة الآن على نطاق واسع. ودارت المناقشات حول هذه النقطة وما تزال تدور لأن النظام الجديد لم يتبلور حتى الساعة والرئيس الأمريكي الأسبق (نكسون) يطرح في هذا الكتاب بقوة وجهة نظره معتمداً في ذلك ليس على ثقافته السياسية الواسعة المكتسبة من ممارسة العمل السياسي تحت راية الحزب الجمهوري فحسب بل وأيضاً من خبرته العميقة المكتسبة من ممارسة مسؤوليات الحكم كنائب للرئيس وكرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.
وباختصار شديد نقول إن (نكسون) يدعو إلى أن تقود الولايات المتحدة العالم من أجل ما يسميه (انتصار الحرية في العالم بدون حرب). ومن أجل ما يسميه (انتصار الحرية في العالم بدون حرب). ومن أجل تحقيق هذا الهدف يشرح بتفصيل وتحليل أخاذين الأدوار التي تبغي أن تلعبها أميركا في أوروبا والمحيط الهادي والعالم الإسلامي والعالم النامي ويقترح حلاً للنزاع العربي-الإسرائيلي. وأكثر ما يلفت النظر في الكتاب أن المؤلف عالج المسائل الإستراتيجية الكبرى على أساس تقسيم جغرافي وخرج عن هذه القاعدة عندما تصدى للمشاكل التي يطرحها العالم الإسلامي لما تثيره من اهتمام اليقظة الإسلامية الراهنة في العديد من أراضي المسلمين ولما يشاع من أن الإسلام مرشح ليكون القوة السياسية التي تحل محل الشيوعية العالمية في مناوءة الغرب ومنافسته. لقد نشر (نكسون) تسعة كتب كان الكتاب آخرها ويعتبره كثيرون أحسن كتبه.