يتضمن كتاب “طوفان الحرية” للكاتبة الدكتورة رغداء مارديني عددا من المقالات المنشورة في الصحف وبخاصة التي نشرت في بداية سنوات الحرب على سورية تتناول عبرها الأحداث السياسية التي تعيشها منطقتنا العربية عموما منذ نشوب ظاهرة ما سمي /الربيع العربي/ ودور القوى الاستعمارية فيها لإعادة رسم خريطة الوطن العربي ونشر أفكار التجزئة والتخلف على حساب الفكر التحرري النهضوي.

واعتمدت مارديني في كتابها على السرد البنيوي في كتابة المقالة الأدبية فضلا عن استخدام النتاج المعرفي والثقافي للوصول إلى اسباب ونتائج التفكير الاستعماري الصهيوني والعثماني ومن معهما لاستنزاف خيرات منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

وتقترب المقالة بترابطها الفني من السرد الروائي الذي تعمل أحداثه في التشويق والإثارة وفي جعل المتلقي مندهشا أمام ما كان سابقا في التاريخ وما يدور الآن وما يمكن أن يحدث في المستقبل وهذا ما هو موجود في مقال  جاسوسية العصر الحديث إلى أين  حيث تقول مارديني ..”لم تكن الجاسوسية العصرية الإلكترونية قد بدأت تدلي بدلوها بعد عندما كان كاتب أدب الجاسوسية العربية صالح مرسي يحكي بكبرياء ما سطرته أصابعه الذهبية من روايات كشفت عن الأساليب الخبيثة للمخابرات الاسرائيلية وطرقها في استخدام عملائها وتدريبهم بما أثرت فيه على وعي ثقافة الفرد العربي”.

وتتوغل مارديني في الأسباب البعيدة والقريبة لعوامل الغزو الامريكي والاستعماري التي ترمي إلى السيطرة على العالم واستلاب العقول وتحويلها إلى خدماتها ومصالحها والسيطرة على الأراضي والخيرات لتكون مناطق نفوذ تطلق يدها فيها بشكل كامل حيث قالت “قبل عام فجر الصحفي البريطاني توم هود جيكينسون في مقال نشرته صحيفة الغارديان علاقة السي آي إي بالفيسبوك عندما قال إن أكبر تمويل للفيسبوك كان من شركة تدعى جراي لوك التي ساهمت بمبلغ 27 مليون دولار إذ ينتهي خيط التمويل بعدة شركات وسيطة إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية تشمل علاقة التأسيس والتمويل والتجسس”.

وفي مقالها  أكاديميات الإرهاب والرامبو التركي  تبين مارديني .. “السياسة التي اشتغل عليها حزب العدالة والتنمية التركي باتجاهه التخريبي عبر خطة تمثيلية عندما تعاطف مع أسطول الحرية الذي ذهب إلى غزة وإثارة عواطف الجمهور العربي بمسلسل وادي الذئاب لتخريب الذاكرة والجيل ووضوح سياسة النفاق في شخصية عميل المخابرات الصهيونية أردوغان حيث تمكنت الكاتبة من ربط الأحداث والوقائع ودفعها باتجاه الفكرة السياسية التي تريد منها أن تقدم ثقافة واعية للمتلقي الوطني”.

وتحلل مارديني في مقالها بعنوان  في عالم سياسي جبان  المكونات التربوية والعدوانية لحزبي الليكود وكاديما الصهيونيين وعرابتهما هيلاري كلينتون و اختلاف طرق تعاطيهما مع المؤامرة على الأمة العربية إلا أنهما يلتقيان في نقطة واحدة هي القضاء على مستقبل هذه الأمة وشخصيتها.

وتمكنت مارديني من تصوير وتشكيل الجريمة الأمريكية في العراق وفي العالم العربي خلال مقالها  عين طفل على جدار العامرية  بعد ان تناولت ما حل بعين الطفل الصغير في ملجأ العامرية التي انتزعت بفعل القصف الامريكي.

لا تخرج الدكتورة رغداء مارديني في مقالاتها عن الصيغ الأدبية معتمدة على الاسس والمرتكزات والإيحاءات والدلائل التي تساهم في وجود نص أدبي يليق بأهمية الحدث إضافة إلى الغيرة الوطنية إزاء ما تتعرض له سورية.

وعن كتاب طوفان الحرية بين الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة أن الدكتورة مارديني خطت كتابها بقلم تحليلي استقرائي وبمعمارية أدبية متماسكة في تكوينها الفني مضمخة بحس وطني صادق وخط زمني جاءت فيه مقالاتها واعية ثقافة وفكرا لتاريخ المشاريع الاستعمارية والصهيونية وما هيأته من سموم فكرية ظلامية وتكفيرية تقصف بها العقول العربية وآلات قتل وأياد سوداء تسعى إلى اغتيال الحضارة الإنسانية المعرفية السورية النيرة.

محمد خالد الخضر