-
/ عربي / USD
سلك التَّأثير الثَّقافيُّ الذي أحدثه البابليُّون في مَن جاء بعدهم طريقين مختلفين؛ طريق النُّصوص، حين تنتقل الحكايات بذاتها، وطريق التَّقاليد الأدبيَّة، حين لا يمكن نقل نصوص محدَّدة بل نقل أعرافٍ وممارساتٍ أدبيَّة، وأشكال صنفيَّة لها خصائصُها في استعمال اللُّغة وتأويلها. ومع انتشار النُّصوص شرقاً وغرباً، وتوطين النُّصوص والتَّقاليد في ثقافات جديدة، كان لا بدَّ من مراعاة عمليَّة تجري ببطء وخفاء، ألا وهي عمليَّة تكييف النُّصوص والتَّقاليد بهدف توطينِها وتبيئتِها. وهكذا تتراكم فوق النُّصوص والتَّقاليد الأصيلة طبقاتٌ جديدةٌ تنتمي للثَّقافات الأخرى. فالنُّصوص والتَّقاليد لا تبقى ثابتةً، بل تتغيَّرُ تغيُّراً بطيئاً وغير محسوس، لكي تناسب البيئات الأدبيَّة والثَّقافيَّة التي تنتقل إليها. ولكنْ بعد مرور أزمنة طويلة، حين تعود هذه النُّصوص والتَّقاليد إلى البيئة التي انطلقت منها، تكون قد تغيَّرت ملامحُها الخارجيَّة، فتبدو وكأنَّها فقدت انتماءَها من حيث الشَّكل في الأقلِّ إلى الصُّورة التاريخيَّة التي بدأت بها. وهذا ما حصل بالضَّبط حين عادت بعض النُّصوص والتَّقاليد إلى الأدب العربيِّ، ومثَّلتْ نصوصاً تنتمي إلى آخر الثَّقافات التي تبنَّتْها، بل إنَّ الثَّقافة العربيَّة نفسها تصرَّفت بها تكييفاً وتعديلاً أيضاً.يتابع الكتاب أشكال التَّكييف للأساطير البابليَّة حينما تصل إلى الآداب المجاورة، ولا سيَّما حين تنتهي إلى الأدب العربيِّ، وكذلك أنماط الأصناف الأدبيَّة، وموضوعاتها؛ مثل ذبح التِّنِّين، ومصرع البطل ومبعثه، وأسطورة مولد البطل، وتشكُّل الحكايات البطوليَّة، والأمثال. ويلاحق الأساطير في طرق انتقالها من التُّراث البابليِّ وصولاً إلى الأدب العربيِّ مباشرةً، أو من خلال الطُّرق الموسوطة التي مرَّت بها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد