ومهما يكن من أمر السنوات العجاف في حياة شاعرنا والتي امتدت منذ طفولته البائسة وقيّمه وأعمال المحاماة وغيرها، وصولاً إلى سفره إلى السودان كضابط مغضوب عليه، فلا شك أنها مع ذلك كانت خيراً وبركة على حياته الأدبية والإجتماعية، ففي خلالها أنشأ كثيراً من غرر وروائع قصائده، في...
ومهما يكن من أمر السنوات العجاف في حياة شاعرنا والتي امتدت منذ طفولته البائسة وقيّمه وأعمال المحاماة وغيرها، وصولاً إلى سفره إلى السودان كضابط مغضوب عليه، فلا شك أنها مع ذلك كانت خيراً وبركة على حياته الأدبية والإجتماعية، ففي خلالها أنشأ كثيراً من غرر وروائع قصائده، في السياسة الوطنية والقومية والأخلاق والعادات والتقاليد. وأثمرت إتصالاته عن طريق أدبه وشعره وظرفه بكثير من الشخصيات المرموقة داخل الحكم وخارجه نهاية سعيدة بتعيينه رئيساً للقسم الأدبي في دار الكتب المصرية العام 1911م. كانت شهرة أحمد شوقي قد بلغت مبلغاً عظيماً قبل الحرب العالمية الأولى، ولكن الجمهور كان هواه مع منافسه الخطير حافظ إبراهيم، لأن حافظ إبراهيم كان شاعر الوطنية، وكان من السابقين إلى محاربة الإحتلال البريطاني، وكان شوقي كذلك شاعراً وطنياً ولكن مركزه الرسمي في معبة الخديوي عباس، كان يحول بينه وبين الشجاعة التي امتاز بها حافظ. وفي العام 1927م، أقيمت حفلة عربية كبرى لتكريم شوقي فأنشد حافظ قصيدة شهرة مدوية جاء فيها: "أمير القوافي قد أتيت مبايعاً... وهذي وفود الشرق قد بايعت معي". فوثب شوقي إلى المنصة وقبَل منافسه حافظ إبراهيم على خديه، وكان غريباً ومثيراً للدهشة أن يعترف حافظ علانية بشاعرية شوقي، فقد كان حافظ برأي بعض النقاد أذكى من شوقي وأشعر منه بلا جدال، إلا أن شوقي كان يحتفظ بكامل طاقته لقصائده، بينما حافظ كان يوزع طاقته في شتى مجالات الأدب والخطابة والحديث الذي برع فيه.