يأتي إصدار هذا الكتاب في توقيت شديد الحساسية، حيث يتعرض العالم العربي إلى فتنة تمس وجوده الفكري والحضاري بل وحتى وجوده المادي في جغرافيته وتاريخه. إن من أهم أدوات هذه الفتنة كان الاشتغال على قلب المفاهيم، فقد كان لزاما على قوى الهيمنة العالمية في سعيها لفرض نظامها العالمي...
يأتي إصدار هذا الكتاب في توقيت شديد الحساسية، حيث يتعرض العالم العربي إلى فتنة تمس وجوده الفكري والحضاري بل وحتى وجوده المادي في جغرافيته وتاريخه. إن من أهم أدوات هذه الفتنة كان الاشتغال على قلب المفاهيم، فقد كان لزاما على قوى الهيمنة العالمية في سعيها لفرض نظامها العالمي الجديد، المبني على آحادية القطب، في نسخة حديثة من النظرية الإمبريالية، أن تضرب القوى الحية والمقاومة في العالم العربي والإسلامي، كجزء من مخططاتها لضرب حركات التحرر الوطني حول العالم. حققت المقاومة العربية بأجنحتها القومية والإسلامية انتصارات هامة على الإمبريالية العالمية وقاعدتها المتقدمة في المنطقة إسرائيل، الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000، الفشل في الحرب على المقاومة اللبنانية في حزيران 2006، الفشل في العدوان على المقاومة الفلسطينية في غزة في تموز عام 2008، إرغام الاحتلال الأمريكي وحلفائه على الانسحاب من العراق تحت ضربات المقاومة العراقية، إذا كان لزاما تأديب هذه المقاومة وضربها زضرب الأنظمة التي كانت تقف وراء نجاحاتها. استخدمت الإمبريالية أدواتها المتمثلة في الأنظمة الرجعية العربية المتخمة بأموال النفط، حيث وضع المخطط في فترة مبكرة منذ بدايات القرن الحالي، كانت البداية في إطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير، ثم مشروع الفوضى الخلاقة، وصولا إلى ما سمي بالربيع العربي، والذي كان في جوهره مشروع فتنة دينية ومذهبية، وظف الإسلام السياسي لتحقيقها. أصبح العالم العربي في خضم هذا الصراع الذي اتخذ أشكالا فكرية وإيديولوجية متطرفة، عكسها وضخمها الإعلام وأجهزة الاستخبارات، فكانت المفاعيل كفيلة بإحداث آثار تزيد سوءا عن استخدام الأسلحة النووية. يقدم المؤلف الدكتور حسين جمعة في هذا الكتاب الهام تصحيحا فكريا ومنهجيا لفهمنا للمقاومة منذ جذورها وحتى وقتنا هذا، مبرزا أشكالها من الكفاح السلمي وحتى الكفاح المسلح، مؤكدا على الفرق بين الإرهاب والمقاومة، ومبينا النزعة السلمية للمقاومة بالأساس مع التأكيد على الاختلاف الكيبر بين السلام والاستسلام.