الأنثروبولوجيا هو ذلك الفرع من دراسة الإنسان الذي ينظر إلى الإنسان من حيث علاقته بمنجزاته، ‏والأنثروبولوجيا في مجموعها، علم دراسة المجتمعات الإنسانية بوصفها خالقة وحاملة للحضارة.‏ ‎
‎ ومن هذا المنطلق تعد البحوث والدراسات الأنثروبولوجية بمفهومها العام أوسع الدراسات نطاقاً وأشملها ‏موضوعاً وأغزرها مادة للبحث، حيث كان الفهم من وراء تلك الدراسات يتركز حول الدلالات المتعلقة بنشأة ‏الأجناس البشرية، والثقافات، والحضارات الإنسانية، والنظم الإجتماعية والبحوث المتعلقة بالصفات الطبيعية ‏المميزة للبشرية، فضلاً عن الإهتمام بالآراء المستنبطة من مخلَّفات الموجودات والكائنات الحية (المستحاثات ‏والآثار) التي يتم العثور عليها في صورة حفريات أو بقايا أو مخلفات مادية وثقافية وهي تلك التي ترجع إلى ‏عهود تاريخية سحيقة وعصور جيولوجية قديمة.‏ ‎
‎ هذا فضلاً عن النظريات والأفكار الشائعة عن عادات وتقاليد وأساطير وأديان الجماعات البدائية والمتأخرة، ‏وما يقال عنها في طرق التفكير وإستعدادها لإنتاج وإكتساب الثقافة، إضافة إلى وسائلها في التفاهم والتعبير، ‏واللغة، ومدى ارتباطها بظروفها البيئية والطبيعية، ونظم حياتها المعيشية والإجتماعية.‏ ‎
‎ ينصبَّ الجهد في هذا الكتاب على رسم المراحل الأساسية التي مرت بها الفكرة الأنثروبولوجية ولتحقيق هذا ‏الهدف لا يقتصر هذا العمل على إبراز الإطار العام للفكر الأنثروبولوجي وتطوره فحسب، بل يوثق أيضاً ‏بين الفكر والعصر، ويوضح طبيعة الترابط بين النظرية والمنهج اللذين يصعب الفصل بينهما.‏ ‎
‎ فالأنثروبولوجيا - شأنها في ذلك شأن فروع المعرفة جميعها - ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالمجتمع الإنساني الذي ‏توجد فيه، فهي تعكس في حقيقة الأمر قيمه السائدة وتخدم مصالحه.‏ ‎
‎ ولزيادة إيضاح مفهوم الأنثروبولوجيا وأهدافها وغاياتها ومناهجها في دراسة المجتمعات الإنسانية، استعرض ‏هذا الكتاب نماذج كثيرة من الدراسات الحقلية - الميدانية الأنثروبولوجية.‏