إن المريض ليس ضحية بريئة لأيّ عدم كمال في الطبيعة، إنما هو المذنب نفسه أيضاً. ولا تعنينا هنا المواد الضارة في البيئة المدنية أو الحياة غير الصحية أو ما شابه من «مذنبين» معروفين، إنما نود إبراز الجانب الميتافيزيقي للمرض. ومن هذه الزاوية تتجلى الأعراض كظواهر جسدية تُعبِّر عن...
إن المريض ليس ضحية بريئة لأيّ عدم كمال في الطبيعة، إنما هو المذنب نفسه أيضاً. ولا تعنينا هنا المواد الضارة في البيئة المدنية أو الحياة غير الصحية أو ما شابه من «مذنبين» معروفين، إنما نود إبراز الجانب الميتافيزيقي للمرض. ومن هذه الزاوية تتجلى الأعراض كظواهر جسدية تُعبِّر عن صراعات نفسية، وتكون قادرة من خلال رمزيتها على كشف القناع عن المشكلة النفسية المعنية عند المريض. فكيف ننظُرُ إلى المرض؟ لا بل كيف يتوجَّب علينا النَّظر إليه؟ أهو خطرٌ دائمٌ تجب محاربته، أم عدوٌ يجب القضاء عليه واستئصال شأفته من هذا العالم؟ أم هو، على العكس، رفيق دربنا، الذي ينبغي علينا فهمه والاستفادة منه على طريق السلامة والكمال؟ خطر دائم أم رفيق درب؟ في هذا الكتاب يعرض لنا المؤلفان فلسفة المرض ونظريته، وينظران إليه من زاوية أخرى ومستوى آخر، ويحاولان، قدر الإمكان، تعليمنا كيف نفهم لغة الأعراض المرضية، وكيف نفسرها ونفهم رسالتها؛ فالمرض يجعل الإنسان صادقاً رغماً عنه، لأنه - أي المرض - يصدقنا القول دائماً، ويعرينا أمام أنفسنا من دون مواربة أو رياء. إنه رسالة إلى وعينا تمر عبر جسدنا. وعندما نفهم هذه الرسالة ونُدخِل مضمونها إلى نور وعينا، يفقد العَرَض المرضي مبرر وجوده. لذا يمكن القول إن المرض ليس خطراً داهماً، بل رفيق درب، ينبغي لنا الاستفادة منه على طريق السلامة والكمال.