إذا كان البحث في الإنسان لا يحتاج إلى مسوغ من خارجه، فإن كل ذات إنسانية مدفوعة لطرح نفس الأسئلة الوجودية الأولى، ولا سيما الأسئلة المتعلقة بالحرية، لأن البحث عن الذات متلازم بصورة أكيدة بالبحث عن الحرية.وهذا الكتاب بحث عن الإنسان تجلية لمعناه وكشف لحقيقته في عرفان محي...
إذا كان البحث في الإنسان لا يحتاج إلى مسوغ من خارجه، فإن كل ذات إنسانية مدفوعة لطرح نفس الأسئلة الوجودية الأولى، ولا سيما الأسئلة المتعلقة بالحرية، لأن البحث عن الذات متلازم بصورة أكيدة بالبحث عن الحرية. وهذا الكتاب بحث عن الإنسان تجلية لمعناه وكشف لحقيقته في عرفان محي الدين بن عربي، الذي أكد أنه بمقدار ما يتجاوز محدودية أبعاد الكائن، وانحصار آفاق تطلعاته عبر إحياء قيمة المطلق وتأكيدها كعقيدة لا يشوبها الزيف، بمقدار ما كان يهيئ بالفعل الشروط الأهم لبروز الذات الإنسانية وتجليها. إن أسلوب التجليل المقارن الذي يحكم هذا الكتاب لم يوضح أفكار ابن عربي فحسب، وإنما أطر هذه الأفكار ضمن دائرة مباحث الوجود في المدارس الفلسفية المتعددة عبر التاريخ، فنجد ابن عربي متشابك الخيوط مع الفلاسفة الأقدمين والمعاصرين على السواء. متقاطعاً مع أخرين منهم في جدلية فكرية غاية في العمق، تروي غليل الباحث والدارس والمطلع من خلال منهجية نقدية تحليلية رائعة.