ينشأ كل دين في بيئة ثقافية معينة تقدم له الخلفية الإعتقادية والميثولوجية التي يشيد بنيته الجديدة إنطلاقاً من نقدها وتجاوزها، ولكن من الإبقاء على بعض آثار تلك الخلفية القديمة، فالعلاقة بين القديم والجديد هنا علاقة جدلية، يتبادل الإثنان فيها التأثر والتأثير وصولاً إلى حالة...
ينشأ كل دين في بيئة ثقافية معينة تقدم له الخلفية الإعتقادية والميثولوجية التي يشيد بنيته الجديدة إنطلاقاً من نقدها وتجاوزها، ولكن من الإبقاء على بعض آثار تلك الخلفية القديمة، فالعلاقة بين القديم والجديد هنا علاقة جدلية، يتبادل الإثنان فيها التأثر والتأثير وصولاً إلى حالة من الإستقرار يلتقي عندها الإثنان في تركيب لا يشبه أياً منهما. يقدم هذا الكتاب أمثلة عن العلاقة بين القديم والجديد في تاريخ الأديان بما يتلاءم مع الدراسة، حيث قدم الكتاب عرضاً سريعاً يتناول الأديان الثلاثة المعروفة بالتوحيدية أو السماوية. فعلى الرغم من تميز كتاب التوراة عن بقية الأدب الديني المشرقي، إلا أنه يحتوي على الكثير من مادة ذلك الأدب، لا سيما الرافديني منه والكنعاني، وعلى الرغم من الإستقلالية التي أعلنها يسوع المسيح عن التاريخ الديني اليهودي منذ البدايات الأولى لكرازته، إلا أن سيرته التي تقصها الآناجيل الأربعة تحتوي على الكثير من المادة التوراتية، ومؤلفوها يقتبسون في معظم الأحيان مقاطع توراتية من أجل توضيح مقاصدهم. وفق هذا الإطار، تابع المؤلف في هذه الدراسة بما بدأه في كتابه "الإنجيل برواية القرآن" منطلقاً من موقف باحث يعتمد منهج علم الأديان المقارن.