-
/ عربي / USD
نُقطة نُقطة، سَطرًا سَطرًا، بدأَ يتنازلُ عن حقيقتهِ، لمْ يَعُدْ نفْسَه ولم يُصبِح شَخصاً آخرَ في طَريقِهِ نحوَ التحَلُّل من ذاتِهِ مُتحوِّلًا إلى مغتربٍ أو واهم، قريباً، ويوماً بعدَ يومٍ يصبحُ أكثرُ انفصالًا عن الواقع، إنَّهُ الأستاذ ليكة.
تدريجاً تمَّ تصفية الأذرع العسكريّة، وتجفيف منابعها بالقمعِ والمُلاحقةِ والاعتقال، وأصبحَ الأستاذ ليكة وحيدًا، ولم يبقَ لهُ كثيرٌ من رفاق، ولم يعُدْ يجالسُ أبو طلب إلّا في فتراتٍ مُتباعِدة، يجوبُ الطرقاتِ والشوارع، ويقفُ أمامَ المعروضات، ويتحدَّثُ مع العابرين ومن يغدو ويروح، ولكنَّهُ فاقد الصِلة والرُّوح في الأحاديث معهم، فهو وحيدٌ تمامًا رغمَ كثرة العابرين الموصولين بحياةٍ وتفاصيل يوميّة تُشكِّلُ كيانَهم الخاص، أمَّا هو، فهذه التفاصيل والبشر والشارع والسيارات والمعروضات لا تعني له شيئًا، وليس لها قيمة لديه، وهو أيضًا أمامَ نفسِهِ رجلٌ بلا قيمة، ولم تعُدْ الأشياءُ تثيرُ فيه الاهتمام، أصبحَ لا يعجبُهُ شيء ويتذمَّر من كلِّ أمرٍ بسيط، يلتفتُ إلى الجانبِ ويشاهدُ رجلًا يخرجُ من أحد المتاجر، يتأمّلُهُ بنوعٍ من القرفِ والتأفُّفِ ويحاور نفسه قائلًا: – هذا من نوعٌ من الرجال الذي تخونه زوجته.
– كيف ذلك وهو غير متزوج؟
– عندما يتزوَّج سوف تخونه زوجته.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد