-
/ عربي / USD
تمثل الكتابة فعلا حياتيا وممارسة وجودية بامتياز. إنها وسيلة تعبير عن كوامن الذات وخوالج الروح، وتجسيد لتحولات النفس وأحوالها بين الفرح والحزن والألم والأمل والقلق والطمأنينة. كلنا نكتب بشكل أو آخر، ولكن الكثير منا يحتفظ بقصاصته وأوراقه باعتبارها أسرارا وخصوصيات لا أكثر. إنها مجرد ذكريات غير قابلة للمشاركة أو الإفشاء والتداول. أما البعض فيشعر برغبة في أن يشارك الآخرين بعضا من مشاعره ورؤاه وتجاربه ومشاهداته في هذا العالم، أي أن يعطي حياته بعدا أكثر اتساعا حين يضع شيئا من خلجات نفسه في كتاب يسافر عبر الزمان والمكان ويتنقل بين أيدي القراء. وأكاد أجزم أن هذا ما فعله أو اختاره الأستاذ سالم بن شنان الخلاسي هنا، حين قرر ضم بعض نصوصه المختلفة بين دفتي كتاب.
لقد تسنى لي الاطلاع على نصوص هذا الكتاب الذي اختار له الخلاسي أن يحمل عنوان (أحاديث العزلة: نصوص في الحب والحرية). وهذا العنوان، كما هو واضح، يحمل بعدين أساسيين، البعد الأول يفصح عنه قوله (أحاديث العزلة) التي تشير إلى أن هذه النصوص تمثل في جوهرها هواجس النفس وخلجاتها في لحظات تتسم بالوحدة والعزلة حيث تتدفق المشاعر وتفيض الروح بالأحاسيس اللانهائية. أما العبد الثاني فيتضح من خلال الجملة الشارحة (نصوص في الحب والحرية) التي وضعها الكاتب لتبيان ما قد يلتبس على القارئ، فهي تفصح بما لا يدع مجالا للشك بأنها تدور في فلكي الحب والحرية. فالكاتب مسكون بهواجس الحب وأسئلة الحرية.
ورغم أن الكتاب يشتمل على بعض النصوص الموزونة والقصائد المقفاة، ورغم تعمد الكاتب على استخدام القوافي أحيانا في بعض نصوصه النثرية، كنوع من الإيقاع والجرس الموسيقي في نهاية الجمل، إلا أنه لم يشأ أن يضع لكتابه تصنيفا محددا، وإنما اختار له أن يكون مشتملا على نصوص مختلفة دون تأطير أو تجنيس، ولعل ذلك نابع من اهتمام الكاتب بمحتوى النصوص التي تشكل في مجملها المشاعر والأحاسيس المتداخلة في وجدان الكاتب، أكثر من اهتمامه بقضايا الأجناس الأدبية.
وقد لمست في نصوص الكتاب لغة عذبة تتدفق بسلاسة متناهية، وتتسم بالرصانة والعمق في الأفكار والمعالجة، الأمر الذي يفصح عن الثقافة الواسعة والتجربة الحياتية الخصبة للكاتب، وهو ما انعكس جليا في فضاء أحاديث سالم الخلاسي.
حسن المطروشي
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد