-
/ عربي / USD
إن إدخال نغمة جديدة على فن قديم يعتمد موسيقى تقليدية، أمر يحتاج إلى جرأة كثيرة، بله القدرة والبراعة، وأنا قد لا أملك الأخيرتين، ولكنني مندفع في سيلي، مهما اعترض عليه الناس، ففي قصائدي هذه، أعنى بالتفعيلة، ولا أعنى؛ بعض الأبيات موزون وبعضها غير موزون، وقد تتلاحق أبيات موزونة، ولكن لكل منها، في القصيدة الواحدة، وزناً مغايراً للآخر.
والقوافي استخدمها أو أغفلها حسبما أرتئي، وما ذلك إلا لأنني، إذ "أموسق" الفكرة أو الصورة، أرفض رفضاً قاطعاً أي لحن، (أو "بحر") رتيب؛ فإذا قرئت كلّ من هذه القصائد قراءة جهورية، مع فهم لبنائها الداخلي الصاعد، الذروي، باتت موسيقاي الجديدة مع بيان الصورة نفسها.
وتتضح هذه الطريقة لكل من يعرف الموسيقى الأوركسترية، ففي كل قصيدة "آلات" عديدة متباينة، و"مواضيع" مترابطة تتلاعب وتنمو نحو غايتها، والقصائد الطويلة مبنية على قاعدة سمفونية، وسيغيب أكثر على السواد من قرائنا، وسيعيبه البعض - كالعادة - ولكن لا ريب عندي أن الشعر منطلق نحو هذا الشكل في المستقبل.
لقد سئمت ما يسمّى بالإنكليزية "Poetic diction" وشعراء العرب يعشقونه، ويخشون الألفاظ المباشرة المعنى أو الإستعمال، ثم إنني أمقت النعوت، فالحالات العاطفية، من حزن أو فرح أو غضب أو يأس، يجب أن تثار بالألفاظ المجسّدة، ومصادر الأفعال أيضاً أرفض إستعمالها على وجه الإجمال.
وإذ أنظرُ إلى هذه القصائد الآن مجموعةً معاً، فأقرأها بلمحة خاطفة، أشعر بشيء من الرعب، لأنها تعجّ برموز الفتك والتمزيق والموت، إنها تلخّص لي سنواتي الأخيرة وبحثي فيها عن مصادر الإيناع والخصب، أكانت هذه السنوات لغيري ما كانت لي أنا؟ مهما يكن الجواب، فلشدّ ما آمل أن نعود إلى المدينة راقصين!..
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد