الوقائع عالم متزلزل، يموج بالناس وتموج النـاس بـه عـالم يزخر بالبروق والرعود والأمطار، عالم تعصف به الريح من كل مكان؛ أما الحقائق فعالم آخر عالم ثابت ثبات الجبال، وهادئ كالبحيرة، عالم رائق كالنور، مُفعم بالسكينة والطمأنينة والسلام. فإذا عاش المرء في عالم الوقائع عاش قلقًا، نهبًا للهواجس والمخاوف؛ يتحوّل نومه إلى أرق طويل وتنقلب حلاوة الحياة إلى شعور عميق بالمرارة. أما الإنسان الذي يحيا في عالم الحقائق المشرقة، فيصبح ابن تلك البيئة المدهشة بثباتها، وصفائها، وإشراقها. وهكذا عاش ،جعفر كانت الأرض تهتز تحت قدميه بعنف... فالجيوش القادمة من الشرق تحمل رايات سودا، وتبشر بدولة جديدة شعارها الرضى من آل محمّد وآلاف المؤامرات والدسائس تحاك في الظلام، وباتت الأشياء تهتزّ، والعقائد تتزلزل في النفوس ولم يعد هناك من ثبات، فقد ضرب الزلزال كلّ شيء.