-
/ عربي / USD
تعرفت على رسالة (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) لأول مرة في العام 1404 فوجدت فيها شيئا مختلفا عما كان سائداً في أجواء طلبة العلوم الدينية، ومثقفي التيار الإسلامي الذين اعرفهم، كانت أجواء المتدينين-لا سيما الشيعة منهم-تميل يومئذ إلى تبني الحلول الحاسمة لمسألة السلطة، فهي إما فاسدة لا تقبل الصلاح، فلا يرجى أن تثمر جهود الإصلاح فيها، وإما صالحة تطابق مقتضيات الشرع الشريف، فالأولى هي كل نظام ليس على رأسه فقيه وحركة دينية، والثانية هي النظام الذي على رأسه فقيه عادل صالح.
ومن الواضح أن هذا التقدير كان متأثراً بالوضع الإيراني، فقد كان مثال إيران مطروحاً باعتباره النموذج الوحيد للحكم الإسلامي، ولم يكن ثمة نموذج آخر. لا يخفي أن انحصار الأمر في هذين الخيارين، يعود إلى سببين، أولهما: اليأس الذي يصيب به المسلمون، لا سيما الأجيال الجديدة، من صلاح الأوضاع في العالم الإسلامي، بعد التجارب الكثيرة التي آلت إلى المزيد من ـأخر المسلمين عن ركب الحضارة الإنسانية، والمزيد مع القمع وتهميش الإنسان المسلم، في عالم يحث خطاه نحو المزيد من حرية الفرد، واستقلال المجتمع عن الدولة وإخضاع القوة المادية للدولة، للقوة المعنوية، التي تمثلها إدارة الشعب ورأي أهل العلم والمعرفة فيه.
أما السبب الثاني فهو غياب النقاش العلمي في موضوع السلطة، أو الدخول فيه من الزوايا الخاطئة، فالمداخل الخاطئة لا تؤدي لغير نتائج خاطئة مثلها. كما أن الناس يتحدثون مثلاً عن وحدة الأمة هل هي واجبة أم غير واجبة، ثم يستدلون بالنتيجة، على أن وحدة الأمة تتطلب أولاً وحدة القيادة، ووحدة القيادة تعني وحدة القائد، وهذه تعني أن يكون ذا صلاحيات غير محدودة، وأمثال هذه التسلسلات القائمة أساساً على مداخل خاطئة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد