-
/ عربي / USD
الفلسفة اللاسلطوية هي نقد شامل المقولة ضرورة وجود سلطة تحكم المجتمع، ودفاع عن بديل جذري، يتكون من إزالة نظم الحكم والدول كما نعرفها، واستبدالها بنظام تشاركي يتيح الفرصة للإنسان العادي لتقرير مصيره، والمشاركة المباشرة مع الآخرين في تحديد الصالح العام. منذ عام 2011، شهدنا في المنطقة العربية ثورات مذهلة، جمعت الملايين وفقاً لما بدا أنه أسلوب أناركي غير معتاد للحراك. وقد تم انتقاد جميع هذه الثورات بسبب صفاتها هذه، من قبل المعلقين الذين فهموا الثورات على أنها مجرد وسيلة لتحقيق غاية محدودة، أي كطريقة لإعادة إنتاج هيكل السلطة فوق المجتمع، وإن كان ذلك بوجوه أكثر قبولاً. لكن ما كشفت عنه الثورات كان شيئاً أكثر عمقاً: ثقافة لا سلطوية متجذرة في الثقافة الشعبية، وإن كانت غير واعية بنفسها، منفصلة تماماً عن الدولة. السؤال إذا من أين أتت هذه المعرفة اللاسلطوية البديهية ؟ وكيف عاشت في نفس العقل مع نقيضها، أي مع ثقافة رأت فضائل في الاستبداد المستنير ؟ الثقافة الأناركية تعيش في المجتمع، حتى في نفس العقل إلى جانب الثقافات السياسية والاجتماعية الأخرى، وتدخل حيز الاستخدام كلما كان هناك شعور عام بأنها مناسبة للحظة. باختصار، اللاسلطوية، في شكل لا واع، هي جزء من تقاليدنا، تماماً كما هي جزء من التقاليد الاجتماعية في كل مكان آخر في العالم. نحن لا نراها عادةً، خاصة بالنظر إلى أنه لا توجد سلطة تشجعنا على التعرف عليها، وقليلاً ما يقودنا النظام التعليمي التقليدي إلى تقدير إمكانياتها العظيمة للتحرر البشري.سيكون على الزمن الآتي بما فيه أجياله الصاعدة اكتساب العلم اللاسلطوي. هذا العلم يبدأ مسيرته من هدم الأوهام التي زرعتها الدكتاتوريات الحديثة وأنظمتها التعليمية والثقافية، والتي قالت لنا أن كل ما نحتاج إليه هو "الرجل العظيم" أو "المنقذ المخلص" أو "المهدي المنتظر" أو "القائد الملهم" لينجدنا، وأن دور الإنسان العادي لا يتعدى انتظار هذه القوة الخارقة التي هو لا يملكها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد