-
/ عربي / USD
ورد في إحدى القصص الشرقية القديمة أن ملكًا شابًّا تملكته، فجأة، الرغبة الملحة في استقصاء أخبار الماضي. فأرسل في طلب علمائه وأمرهم أن يكتبوا تاريخ الماضي جميعًا. وبعد سنوات عدة تذكر أمره وأرسل في طلب العلماء وسألهم عن مدى تقدمهم في العمل. فأخبروه – مسرورين- بأنهم قد أنجزوه، منذ فترة وجيزة، في ستين مجلدًا. فشكرهم على كدهم وأشار إلى لمته الشيباء ورجاهم أن يضغطوه في ثلاثة مجلدات؛ وفي هذا سلخوا عشر سنوات أخرى. ولم يكن لدى الملك وقت ولا قوة تعينانه على قراءتها، فأمرهم بأن يضغطوها جميعًا في مجلد واحد. فأكبوا على هذا العمل في جهد لا يُصدق وأتوا بالكتاب، في الوقت الملائم، إلى الحضرة الملكية. ولكن الملك عندئذ كان قد أمسى شيخًا واهنًا وكاد بصره يعشى. فقال لكبير العلماء: «قل لي – أنت يا من قضيت عمرك طرًّا في هذا العمل المضني- لخِّص لي في جملة واحدة كل ما وعيت من أخبار الماضي». فكان جواب الشيخ للملك الشيخ: «عشتَ سرمدًا أيها الملك، أسألك الرحمة، فليس عمل هذا في مقدوري». غير أن الملك أصر. فقال العالم وقد قوَّست ظهره السنون: «تعلمت أن أجيالًا كثيرة من الناس ولدوا وكبروا وأحبوا وتألموا وماتوا». وهنا غضب الملك، وكان محقًّا في ذلك، إذ كان في وسعه أن يقول ذلك دون عناء. وأسلم العالم إلى الجلاد العام، ثم رثي لقِصَر حياة الإنسان وطول التاريخ.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد