يتناول هذا الكتاب واحد من أكثر التطورات السياسية أهمية -ولكن الأقل فهماً- في عصرنا، ألا وهو «الثورة الإسلامية» في إيران عام 1979. أطلقت هذه الثورة العنان لعودة كبيرة للدين إلى المجال العام في الشرق الأوسط من جهة، وعودته دولياً من جهة ثانية. وفي ذروة هذه الثورة، زار ميشيل فوكو إيران مرتين، ليس فقط لمراقبة الحدث باعتباره حدثاً سياسياً وإنما لشعوره بأنه حدث سيمثل نقطة تحوّل فكرية وفلسفية، وأملاً في مستقبل الفلسفة الذي يعتقد أنه يجب أن يظهر إما خارج أوروبا أو أن يظهر في المواجهة بين العالم الأوروبي وغير الأوروبي. تم فهم هذه الثورة إلى حد كبير من الناحية السياسية ومن قبل علماء السياسة والفلاسفة واللاهوتيين، على حساب دراسة اجتماعية أعمق وأكثر دقة للتغيرات العميقة على المستويات الاجتماعية والثقافية. لقد تولى كتاب ديني بقدر ما هو دنيوي هذه المهمة التي طال انتظارها، من خلال فحص اتجاهات العلمانية العميقة الجارية في إيران، خلف الواجهة الدينية للبلاد التي غالباً ما يتم تصويرها في وسائل الإعلام. الفرضية المركزية للكتاب هي أنه على الرغم من المظهر الديني لصورة إيران في وسائل الإعلام العالمية، فقد خضع المجتمع الإيراني لعلمانية عميقة تحت أعين دولة ثيوقراطية. وجدت هذه العلمانية على مستويات مختلفة وفي عدة أماكن غير متوقعة: في الشوارع، وفي الفلسفة السياسية للدولة، وفي المبادئ التشغيلية الحكومية، وفي المعاهد الدينية، وفي الأوساط الفلسفية. وبهدف توثيق هذا التحول، استخدم الكتاب كميات متنوعة وواسعة من البيانات، مثل بيانات التعداد الاجتماعية والاقتصادية، وبيانات المواقف من الدراسات الاستقصائية الوطنية والدولية، والوثائق الحكومية، والخطب السياسية، والأدب الفلسفي/اللاهوتي. هذا الكتاب هو قراءة أساسية لطلاب الدين والعلمانية، والاتجاهات الاجتماعية والثقافية في الشرق الأوسط، وعلماء الدراسات الإسلامية الحديثة.