-
/ عربي / USD
كان يطرق مسامعي وأنا في فترات الدراسة الماضية أقوال كثيرة تتعلق بالقيمة الفنية لشعر عصر صدر الإسلام ومنه شعر صفين، وأغلب هذه الأقوال متفقة على أن الشعر في هذه الفترة أصابه شيء مـن الذبول والفتور، وأن شعراءه لم يعنوا بقيمه الفنية والجمالية بقدر ما عني غيرهم من الشعراء الذين سبقوهم عصرًا، أو الذين جاءوا بعدهم بنتاجاتهم الأدبية، والشعر في وقعة صفين تقع عليه تبعات هــذه الأقوال، كما انـــــــه مثل وجهة جديدة من الشعر، إذ أن الحرب قامت بين المسلمين أنفسهم والشعرشكل فيها سلاحاً ماضياً توجهه أهداف كل طرف من المتخاصمين، والدراسة تحاول إستكناه الجوانب الفنية والجمالية التي انماز بها هذا الشعر، وقد آثرت جعل الشعر مقتصراً على هذا الكتاب لما وجدته فيه من أسلوب رشيق، ودقة كبيرة في جمع القصائد التي تخص الوقعة، وسردها ضمن إطار تأريخي يستوفي جميع مواقفها، فضلاً عن الرواية الموثوق بها التي حملها نصر بن مزاحم لتفاصيلها التي تقع ضمنها تلك الأشعار وقــــد وجدتــــه حريصا علــــى سرد أحداث الوقعة بتأليـــف يغلب عليـــه الذوق الحسن، فهو يسوق لنا مقدمات حرب صفين بروعة وحذق ويصورها، وهي دائرة الرحى في دقة تصوير، وحسن استيعاب، ويروي لنا أحاديث القوم وأشعارهم وخطبهم بحيث لا يكاد يخطئه التوفيق في مراعاة الانسجام، واستواء التصوير، وذلك ديدنه الذي شبّ عليه، فقد كان عطارا يبيع العطور مما أسبغ عليه ذلك الذوق المرهف والدقة المتناهية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد