-
/ عربي / USD
يقدّم الكتاب لوحتَيْن متقابلتَيْن لمطلب الحقّ والعَدْل وما يتّصل بهما: لوحة رائدها ابن رُشْد، تَعْرض لمطلب الحقّ والعَدْل من زاوية تقابل العقل والوحي، اللوحة الثانية قائمة على تقابل العقل التنويري وعقل ما بعد التنوير، ويمثّلها المفكّر الهندي أمارتيا سن. تضمّ اللوحة الأولى ستّة عشر فصلاً، تتوزّع على قسمَيْن، يبحث القسم الأوّل في الحقّ في أربعة فصول منها، ويعكف القسم الثاني على النظر في العَدَالَة في سبعة فصول. أمّا الملاحق الخمسة، فتتطرّق إلى العَدَالَة عند أمارتيا سن.
لم يعد من الممكن أن نردّ الحقّ والعَدْل والعقل إلى مبدأ خارج عن الثقافات ورؤى العالم والآراء والأحكام الُمسبَّقة. ومن ثمّ أصبح العقل عقولاً، والحقّ حقوقاً، والعَدَالَة «عَدَالَات». في النهاية، ليس الإنسان بما هو إنسان هو مَن يُضفي هذه القِيَم على الأشياء والأفعال والعلاقات والانفعالات، وإنما الإنسان بما هو منتمٍ إلى ثقافة ما. لكنْ، ليس معنى هذا أنه تمّ إلغاء وجود ماهية للحقّ والعَدْل والعقل، تحقّق حولها إجماع الشعوب والثقافات والعقول كلّها، فالنَّواة التنويرية لهذه القِيَم غير قابلة للانقراض.
هذا الكتاب ينتقل بنا بين أفقَيْن ثقافيَّيْن متقابلَيْن، أفق الثقافة التراثية التي مثّلها ابن رُشْد الذي انطلق من فكرة وحدة العقل لإثبات وحدة الحقّ والعَدْل، ولكنْ، وجد أمامه الشريعة التي لها معاييرها الخاصّة في الحقّ والعَدْل؛ وأفق الثقافة الحداثية التي جسّدها أمارتيا سن الذي كان همّه الوحيد هو إثبات تعدّد مفاهيم العَدَالَة بناءً على تعدّد مفاهيم العقل، لكنْ، بتحقيق نقلة مَرِنَة من الفكر التقليدي إلى الفكر الحديث، أو عقد مصالحة بينهما على أساس قبول التعدّد. انتقل أمارتيا سن من عقيدة وحدة العَدَالَة وما يتّصل بها إلى أفق الاختلاف في الحقّ والعَدْل والحرّيّة انطلاقاً من تعدّد العقل والقدرة بين الثقافات المختلفة. هكذا أنتج احتكاك العقل بالوحي إشكالات مختلفة جذرياً عن إشكالات احتكاك العقل التنويري بعقل ما بعد التنوير.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد